من خطب الجمعة

السبت - 10 يونيو 2017

Sat - 10 Jun 2017

فضل الزمان والمكان



«بالأمس القريب، ابتهجت قلوبنا بدخول شهر رمضان، وها هو اليوم قد انقضى منه شطره، واكتمل بدره، وما هو إلا كما قال الله عز وجل «أياما معدودات» تصام تباعا، وتنقضي سراعا، خص الله الصيام بفضل عظيم، فنسبه إلى نفسه دون سائر العبادات، وهو سر بين العبد وربه، لا يطلع عليه إلا الله، ورمضان هو شهر الخيرات، فيه تصفد الشياطين، وتغلق أبواب النيران، وتفتح فيه أبواب الجنان، والقرآن يتلى، والملائكة تتنزل، والأجور مضاعفة. إنه شهر الرحمة والخير والبركة والغفران، شهر ضياء المساجد وذكر الرحمن، شهر العظمة والجمال والبهاء، والتدبر والإنابة والدعاء، من صام نهاره إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليله إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه، فيه ليلة، هي خير من ألف شهر، من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، وإذا كان هذا فضل الصائمين والقائمين في رمضان، فإن المرابطين على الثغور أكبر فضلا وأعظم أجرا، فهنيئا للمرابطين على ثغور بلاد الحرمين الشريفين، لما اجتمع لهم من فضل الزمان والمكان، وقد وردت البشارات العظيمة، بما أعده الله تعالى للمرابطين في سبيله، عن سلمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «رباط يوم وليلة، خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان» أي: أمن فتنة القبر وعذابه».



ماهر المعيقلي - الحرم المكي



رضا الرب



«في هذه الأيام والليالي نرى العبودية تتجلى في أبها صورها ومعانيها متعة الصيام ولذة القرآن وجمال القيام، صدقة وإنفاق وألسن تلهج بذكر الرحمن، خاضعة لله الجوارح والمشاعر والقلوب، عبادة طوعية بمحبة قلبية تفضي إلى سعادة الدنيا والآخرة، كما أن مخاطبة الله عز وجل لعباده بكلمة «يا عبادي» هي علامة رضا الرب وفضله وإنعامه، وإن وصف الله خلقه بعبادي إنما هو بشارة لهم ليؤنس وحدتهم ويبشرهم بأنه قريب وليبسط المرء حاجته ويبث همومه ويرفع شكواه إلى ربه ومولاه، فهي تشرح الصدور وتلفت النظر إلى رحمة الله التي سبقت غضبه ورأفته بعباده ولطفه معهم، والله عز وجل ذكر الرحمة والمغفرة وبالغ في التأكيد بألفاظ ثلاثة إني وأنا وإدخال الألف واللام (أني أنا الغفور الرحيم ، ولما ذكر العذاب لم يقل إني أنا المعذب وما وصف نفسه سبحانه بل قال وإن عذابي هو العذاب الأليم، وينادي الله عز وجل المؤمنين بقوله يا عبادي ليتفيؤوا ظلال عبادته على أي أرض وأي سماء، كلمة رقراقة تحفز على العمل وبها نادى الخالق عباده المؤمنين ليعلمهم أجل العبادات وأفضلها، ينادي الله المؤمنين بقوله يا عبادي فيرسم لهم دروب التقوى ويوجههم إليها ويثني عليهم ثناء لا نظير له بقوله «وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها»، وامتثال التقوى السمة البارزة في شهر رمضان، والتقوى في رمضان تثمر تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها عن الأخلاق السيئة وتعويدها الأخلاق الكريمة، فحين يسمع المؤمن وصف الله لخلقه بعبادي يشعر أنه يأوي إلى ركن شديد وحصن عتيد وحماية له من كل شيطان مريد، فوصف الله الصالحين من خلقه بعبادي يبعث فيهم قوة التفاؤل والتمكين ونور الأمن بالنصر».



عبدالباري الثبيتي - الحرم النبوي