أحمد الهلالي

عقدة القيادة القطرية (الشعور بالنقص)!

السبت - 10 يونيو 2017

Sat - 10 Jun 2017

غضبة الأشقاء الخليجيين على قطر أتت بعد أن (طفح الكيل) في ردة فعل إعلامية قوية، أعطت قطر وقتا كافيا للتراجع لكنها لم تفعل؛ لأنها تراهن على عواطف الشعوب العربية التي حقنتها على مدى 20 عاما بأمصال قناة الجزيرة، فجاءت الصفعة القوية التي استغربتها الخارجية القطرية (المتعودة) على حلم الكبار، وتغاضيهم عن ممارسات الدوحة؛ لأنهم يعلمون أنها تعاني من عقدة الشعور بالنقص، والبحث عن دور يجعل لها قيمة.



لو عدنا إلى تاريخ هذه العقدة القطرية، لوجدناها من بداية انقلاب حمد على أبيه عام 1995، فطموحات المنقلب وصلت إلى التفكير أن يكون ندا للمثلث السياسي العربي آنذاك (السعودية ومصر وسوريا)، فلم يجد طريقا إلى تحقيق ذلك إلا منافسة السعودية، ذات الثقل العربي الإسلامي الهائل المكتسب من سياساتها الحكيمة، وخدمتها للمقدسات الإسلامية، فدار في رأس حمد أن امتطاء الدين سيحقق طموحاته، ليجد في تنظيم (الإخوان المسلمين) المنتشرين في العالم الإسلامي، والطامحين إلى السلطة في بلدانهم ضالته، ثم أنشأ قناة الجزيرة عام 1996 لتكون ذراعا إعلاميا لتسويق قطر عربيا وإسلاميا وعالميا، ثم مدت الدوحة يدها للسلفية الجهادية لعدة أمور، الأول: استعطاف التنظيمات للعب دور الوساطة بينها وبين العالم، الدور الذي ينتشي به حمد ولا يلعبه غيره في المنطقة، والثاني: استخدام هذه التنظيمات وتحريكها (بأموال الغاز) ضد خصومه التقليديين الذين سببوا له العقدة المرضية (الشعور بالنقص)، والثالث: تقارب هذه التنظيمات العنيفة مع الإخوان ودأبها على النيل من المؤسسة الدينية السعودية واتهام رموزها بما سمعتم عبر قناة الجزيرة من تهم.



عقدة الشعور بالنقص حدت بقطر إلى إنشاء (الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) برئاسة القرضاوي 2004م، نظيرا لـ (رابطة العالم الإسلامي) التي أنشأتها السعودية، وكذلك المؤسسات الإغاثية، فقط لتنافس السعودية إسلاميا، لكن جهود وأموال قطر طوال السنين الماضية ذهبت سدى، فبعد أن خيل لها أنها أهم دولة إسلامية في المنطقة، وأنها أهم حليف استراتيجي لأمريكا باحتوائها قاعدة (العديد الأمريكية)، أعلن ترمب فخره أن تكون زيارته الأولى للسعودية باعتبارها قلب العالم الإسلامي، ما أربك حسابات قطر، لتخرج تصريحات تميم عبر وكالة أنبائه، التي ندم عليها، وسيندم أكثر؛ لأنها القشة التي قصمت ظهره، بعدما (طفح الكيل).



كان يمكن للدوحة أن تنافس جميع دول المنطقة، وتكبر في عين العالم، لو فكرت خارج الصندوق، وأحالت قطر إلى واحة علمية أو بحثية، أو منصة فضائية، أو طبية، تنفع الإنسانية جمعاء، لكنها أصرت على اللعب بالنار من خلال المنافسة السياسية، ومع هذا كان بإمكانها أن تخلق نموذجا سياسيا ديموقراطيا، يعطي الحريات لأبناء قطر عمليا، لتقلدها دول وشعوب المنطقة، لا أن تطالب الآخرين عبر (الجزيرة) بما يقمعه حمد وابنه في قطر، حين أذاقا القطريين ويلات القمع والتعذيب والنفي والطرد وسحب الجنسيات، والتغييب في سجن (بوهامور) الذي لا تستطيع زيارته حتى (هيومن رايتس ووتش).



الشعور بالنقص عقدة مرضية، تصيب أحيانا حتى الأنظمة، وكل ما يحدث في قطر لا يخرج عن هذه العقدة التي لن تتعافى الدوحة منها حتى تلقي بالمصابين بها بعيدا عن دوائر القرار، وتعود أخا كامل الأهلية في مجلس التعاون الخليجي، لا يلبس عمامة طهران، ولا عباءة الإخوان، ولا أوهام إردوغان، أخا يصون، ولا يخون ولا يغدر.



@ahmad_helali