ناصر عليان الخياري

هل نحن طيبون؟!

الخميس - 08 يونيو 2017

Thu - 08 Jun 2017

دائما نتحدث عن أنفسنا وكأننا ضحايا، فنحن الطيبون الذين نتساهل بحقوقنا ونبادر بالعطاء، ونحن الذين نتلقى الصفعات دائما بسبب طيبتنا.

طيبتنا تلك تجر علينا دائما الخيبات والخسران المبين. أكثر إجابة تمر على السؤال: ما أبرز عيوبك؟ تكون «طيبتي الزائدة»! لكن السؤال الجوهري الذي يفترض أن نسأله أنفسنا دائما هو ما ورد في عنوان المقال؟

هل نحن طيبون حقيقة، والآخرون هم السيئون وناكرو المعروف؟ هل نحن أهل العطاء والتضحية، والآخرون أهل الجحود والنكران؟

أليس من الممكن أن ينظر الآخرون إلينا بنفس النظرة التي ننظر بها إليهم، فتنعكس الآية فيصبحوا هم الطيبون وفق مقاييسهم، ونحن أهل الجحود والنكران؟!

فإذا كان المعيار في الحكم هو النزعة الذاتية، فسيكون الحكم متحيزا للذات حتما. ومن هنا تضيع العدالة، ويسقط الإنصاف في دوامة تضخم الذات، والنظرة المثالية للذات، والاستعانة بالحيل من الأفكار، لتبرئتها من أي خلل أو قصور.

في نظري إن الحكم حكما عاما على الذات أو على الآخرين بالطيبة خطأ معياري، إذ ينبغي أن يكون الحكم وفق معيار الموقف أي الحكم على الموقف نفسه. فقد يكون موقف شخص ما، في غاية الطيبة معك، لكن هذا الشخص يقف موقفا مليئا بالصلف مع شخص آخر.

لذا فلا أجد مبررا لأولئك الذين يمجدون ذواتهم بالطيبة، ويظهرون بدور الضحية دائما، فلا مكان في النظرة الموضوعية لهذا التمجيد والتزكية. وعليه فإنني أعتقد أن هذه الفكرة الخاطئة ينبغي تجاوزها، والتخلص من ترديد هذه المقولة.

إذ إن الحكم على أنفسنا بالطيبة على وجه العموم، هو حكم ساقط، فنحن تحكمنا المواقف أيضا، وكل ما نفعله يمكن الحكم عليه بحسب الموقف فقط. لذلك فإن المبالغة بامتداح الذات وتمجيدها وتزكيتها بـ «نحن طيبون» فكرة خاطئة ومن يظنون أنفسهم طيبين جدا عليهم أن يعيدوا حساباتهم. فلا بد من تصحيح هذه الفكرة وعدم الاسترسال وراء شخصية الضحية حينما نتحدث عن أنفسنا دوما بالتباهي، المتلبس بحالة الضدية، فنحن «طيبون ولكن الآخرين جاحدون» فنحن نحتكر القيم على ذواتنا ونسقطها عن الآخرين. في حين أنه مثل ما نحن طيبون وكرماء وأوفياء فهناك أيضا مثلنا طيبون وكرماء وأوفياء.. هل وقفنا في مواجهة صادقة يوما ما مع أنفسنا؟

واستبدلنا مقولة «نحن طيبون والآخرون جاحدون» بـ «هل نحن طيبون فعلا»؟ هل نحن أوفياء فعلا..؟ هل ما فعلناه ونفعله «طيبة حقيقية»؟ هل هذه «الطيبة مبنية على اعتبارات نزيهة أو متصنعة»؟ هل الآخرون «سيئون فعلا وقابلوا طيبتنا بجحود»؟ هل كان الخلل عندنا في مفهوم الطيبة وحدودها وفي ممارستنا لها والآخرون أبرياء من تهمة الجحود والنكران؟!

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال