شاهر النهاري

حبيبتنا قطر بين خيارين

الخميس - 08 يونيو 2017

Thu - 08 Jun 2017

لسان حال السعودية في علاقة حبها القديمة الأخوية المتجذرة مع قطر يتلخص فيما حدده نزار قباني بقصيدته الحادة، التي صاغها بيقين وحزم ودمعة حسرة، وبمنتهى التعقل، عندما لم يعد له حيلة مع حبيبته المخادعة، التي كانت تستغل طيبته ومحبته، وتثير القلاقل في حياته، وتخونه:



إني خيرتك فاختاري

ما بين الموت على صدري

أو فوق دفاتر أشعاري

اختاري الحب.. أو اللاحب

فجبن ألا تختاري



يا له من موقف جلل، فلو نظرنا للخيار الأول، ففيه قمة الوفاء والعشق والتفاني، بالموت حبا، على صدر الحبيب، فكأن بذور الصدق تتغلغل في أعماق مصداقية العشق، لدرجة الاندماج حتى الموت حبا يقصد به التبرعم والإثمار في سائر فصول المستقبل صيفها وخريفها وشتائها وربيعها بزهور وثمار محبة لا تنتهي.



وفي الخيار الثاني نجد قسوة المحب الصادق المخلص، والذي تحتار حيرته، فلا يعود يجد طريقا لإصلاح ذات البين، ويطلب من حبيبته أن تموت على دفاتر أوراقه الماضية، وتغدو مجرد ذكرى جميلة قديمة، حيث إن عينه قد رأت ما يكفي، وأن شرايين قلبه قد تصلبت، وأن الصفح والعطاء لم يعودا ممكنين، لعدم الثقة في إمكانية الإصلاح والعودة، والاندماج في عالم الحب النزيه الشريف الكريم، الصادق.



حيرة نزار، لم تكن فقط حيرة حبيب لحبيبه، ولكنها صورة عامة للتعقل، لا بد منها، حتى بين دولة وأخرى، فما يبنى على الحب والثقة يستمر، وما يبنى على الشك والكذب والغدر لا بد له من نهاية، من جانب المحب، المجروح في صميم قلبه، والذي تصل به سلالم التعقل إلى قمة قطع كل شريان حب يؤدي به يوما للذل والهلاك. قطر رغم ما حدث من حكومتها، تظل عضوا عزيزا من جزيرتنا، متصلة بشغاف قلوبنا، حينما نتلمسها ذراعا عزيزا قويا، ونتحسر إذ أجبرتنا الأعراض الخبيثة السرطانية إلى بتره، والتخلص منه كليا، والعين تدمع، والمشاعر تحترق، وخلايا الشعب القطري، تنظر لأعضاء الجسد السعودي، والخليجي، بخوف من مصير البعد، والتشرذم. ويكمل نزار مرافعته لجزء من ذاته، ومن عقله، ومن تاريخه:



ارمي أوراقك كاملة

وسأرضى عن أي قرار

قولي. انفعلي. انفجري

لا تقفي مثل المسمار

لا يمكن أن أبقى أبدا

كالقشة تحت الأمطار

اختاري قدرا بين اثنين

وما أعنفها أقداري

مرهقة أنت.. وخائفة

وطويل جدا.. مشواري

غوصي في البحر.. أو ابتعدي

لا بحر من غير دوار

الحب مواجهة كبرى

إبحار ضد التيار

لا توجد منطقة وسطى

ما بين الجنة والنار



نعم يا قطر، لا وجود للمنطقة الوسطى الرمادية، والحب مواجهة مع النفس، وإبحار ضد تيار السياسة والمؤامرات، التي جرتك إلى حيث لا نتمنى أن تكوني، ولعل اختيارك أن يتم سريعا، ليعيد نهار الحب إلى مجاريه، ولنبقي صلات الرحم، والمحبة بيننا كشعوب هي شعب واحد في كل التفاصيل، وحياة بها من التفاني والفداء والتآخي، ما يجعلنا نموت حبا في بعضنا، ولا نموت على أوراق التاريخ، الذي لا يرحم، مهما بترنا من أعضائنا، ورحلنا لنرتمي في أحضان طامعة، لن يطول بها الوقت، قبل أن تضحك شماتة وهي تدوس بأقدامها الأعجمية على أضلاع قبور محبتنا القديمة.



Shaheralnahari@