محمد العوفي

إلغاء الحملات التوعوية

الأربعاء - 07 يونيو 2017

Wed - 07 Jun 2017

الحملات التوعوية التي تقوم بتنفيذها بعض الجهات الحكومية لم تثبت نجاحها في تحقيق أهدافها ورفع وعي المواطنين تجاه الظواهر التي أطلقت من أجل رفع الوعي بها، ويمكن القول إن بعضا منها فشل فشلا كاملا، والآخر سجل نجاحا محدودا رغم واقعية أهداف هذه الحملات، وتبنيها من جهات رسمية وراعية، والتكاليف العالية لهذه الحملات.



تاريخيا، لا نعاني أبدا من نقص في عدد الحملات التوعوية، فكل الوزارات والمؤسسات الحكومية لها تاريخ حافل في المبادرات التوعوية، ولا يوجد استثناء إلا ما ندر، على سبيل المثال لا الحصر: حملة التوعية لمكافحة المخدرات، وتعداد السكان، وحزام الأمان والسرعة وقطع الإشارة، والقيادة الآمنة، وعدم تشغيل مخالفي الإقامة، وحملة ترشيد استهلاك المياه والكهرباء، وحملات التوعية ضد أضرار التدخين.. وغيرها، ولا يزال بعض منها مستمرا. والسؤال الأهم، هل حققت هذه الحملات أهدافها؟ الحكم الأولي بناء على النتائج المتحققة يؤكد أن معظمها - إن لم يكن جميعها - فشلت في تحقيق أهدافها في رفع الوعي وتقليل الأضرار دون أن يتم بحث أسباب فشلها في تحقيق أهدافها، بل أعيدت المحاولة مرة واثنتين وثلاثا بنجاح محدود.



من وجهة نظر شخصية بحتة، أرى أن من أسباب فشل هذه الحملات الفردية وعدم الاحترافية في التخطيط والتنفيذ والتطبيق، وافتقاد الخبرة في التعامل مع الفروقات المجتمعية، ومخاطبة كل فئات المجتمع بلغة واحدة دون مراعاة الفروق العمرية والتعليمية والاجتماعية، وكل ذلك يعود إلى غياب التخطيط السليم لهذه الحملات الذي يبنى على خطوات علمية وعملية أساسية تساعد على نجاحها، تعتمد بشكل أساسي على دراسة دقيقة للظاهرة المراد رفع الوعي تجاهها، إلى جانب عدم اكتراث المواطن بدور الحملات التوعوية والاهتمام بها، وإصراره على ممارسة هذه السلوكيات رغم علمه بمضارها على صحته وحياته، ويشاهد أمامه كثيرا من الحالات التي تعد كافية للعبرة والعظة، فمن لم يعتبر من حالات ماثلة أمامه لن يعتبر من حالات توعوية قد لا يشاهدها ويعتبرها ضياعا للوقت.

هذا لا يعني تقليل أهمية ودور الحملات التوعوية في رفع الوعي تجاه ظاهرة معينة، لكنه وقياسا لتجربتنا في الحملات التوعوية، فالنجاحات التي حققتها إذا افترضنا أن هناك نجاحا، لا تقارن بحجم التكاليف الباهظة لمثل هذه الحملات، ولا سيما أن بعضا منها يستمر لمدة طويلة وعلى فترات متعددة دون توقف لتقييم ما تم في المراحل السابقة.



مؤخرا، غيرت وزارة الصحة من قناعتها تجاه دور الحملات التوعوية، وعمدت إلى إلغاء حملة التوعية بمضار التدخين، والاستفادة من التكاليف المالية لهذه الحملة في إنقاذ ومعالجة المرضى الذين يعانون من الأمراض المرتبطة بالتدخين الذين هم أحوج إلى الميزانية لإنقاذهم، ولا سيما أن الجميع يعرف مضار التدخين ولا يحتاجون إلى حملات توعوية.



وما ينطبق على حملة مضار التدخين ينطبق على حملة القيادة الآمنة وتخفيف السرعة، وحملة التوعية بأضرار المخدرات، ولعل ما فعلته وزارة الصحة يغري كثيرا من الجهات الحكومية لإيقاف خططها وحملاتها التوعوية وتحويل ميزانياتها لمعالجة المتضررين من حوادث المرور، وإدمان المخدرات، ودعم البرامج ذات الأثر في تحسين الخدمات التي تقدم لهم، وبرامج الدعم لهؤلاء المتضررين وأسرهم.