المنافسة.. هل تغتال القيم؟

الثلاثاء - 06 يونيو 2017

Tue - 06 Jun 2017

المنافسة بشكل عام هي بذل شخصين أو أكثر أقصى جهد لتحقيق غرض ما وبخاصة حين يكون التفوق على الآخر هو الهدف. وحسب قاموس وبستر هو «التسابق والتباري بين ندين أو أكثر للحصول على مكاسب لصالح طرف ثالث».

في أي بيئة عمل، المسلم به من رب العمل هو إذكاء روح المنافسة داخل الفريق من أجل الارتقاء بمنجزات الأشخاص بشكل خاص والمنظومة بشكل عام. لكن ما هو الحد الفاصل الذي يصبح عنده التنافس والمنافسة غير محمودة، مما ينعكس سلبا على جميع الأطراف؟

بشكل عام، المنافسة هي المحرك والمحفز لك كفرد لأن تحاول أن ترتقي بمنتجك قبل تقديمه وعرضه للمتلقي سواء كان المستهدف إدارة أو زبائن. وكذلك استمرارية التحفيز الذاتي للمحاولة بالرقي بهذا المنتج حتى ينتشر بين شريحة أكبر من العملاء، ومن ثم التفوق على المنافسين. أما القيم فهي الإطار العام المتحكم بك كشخص للحيلولة دون كسر كل ما هو مقبول وصحيح سواء كان دينيا أو اجتماعيا أو ثقافيا. القيم تصنع لك الديمومة لإظهار مهاراتك الشخصية التي تبقى معك طوال حياتك الخاصة والمهنية. لكل من يطرح السؤال هل المنافسة تغتال القيم. نقول له إطلاقا. نحن بذلك نظلم «المنافسة» ولا نكون عادلين في الحكم عليها. من يغتال القيم هم الأفراد الذين جعلوا المنافسة شماعة وعذرا وسبيلا للتخلي عن القيم.

المنافسة بدون قيم تؤدي إلى الاحتكار وتقليل أرباح الآخرين وازدياد مكتسباتك الآنية. من جهة أخرى المنافسة مع الاحتفاظ بالقيم تقودك إلى أعلى المستويات على المدى الطويل.

كلما كان الهدف أكبر وأسمى كان أدعى للتنافس. قال تعالى (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) المطففين آية 26، وقال تعالى (لمثل هذا فليعمل العاملون) الصافات أية 61.

أما إن أخذ التنافس منحى آخر ولا يكون شريفا، يمس بالقيم، فهو منهي عنه كما جاء في سياق الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم (ولا تنافسوا ولا تحاسدوا).

من أراد أن يصل إلى القمة تجده يرحب بالمنافسة الشريفة، للارتقاء بقدراته واستمرارية التحفيز الذاتي لديه. لنا في صحابة رسول الله أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما أفضل مثال للتنافس الشريف كما ورد في كثير من المواقف المذكورة في السيرة. وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه «ما استبقنا خيرا قط إلا سبقنا إليه أبو بكر».

من جانب آخر، هناك مثال واضح لدى متابعي الرياضة وخاصة رياضة التنس. فالتنافس الشريف بين أشهر لاعبي التنس في الوقت الحاضر، السويسري روجر فيدرير والإسباني رافائيل نادال باعترافهما هو ما أوصلهما إلى القمة في مجالهما ودائما ما كانا وما زالا يثنيان على وجود المنافسة لتحدي أنفسهما والرقي بمستوياتهما إلى القمة.

ختاما، أرى أن إرساء القيم وممارستها داخل المؤسسة والأفراد هما المتحكم والمسيطر على حفظ المنافسة داخل إطارها المحمود والتأكيد على استمراريتها للفائدة العامة. ثم نقول كما قيل في المثل الشعبي «الميدان يا حميدان».