بلادنا كلها خيرات

الاثنين - 05 يونيو 2017

Mon - 05 Jun 2017

كثر الكلام خلال المرحلة الأخيرة عن مستقبل النفط، إلى متى سيستمر، وما هي الاحتياطيات العالمية من النفط، وما هي البدائل مع نضوبه؟ هذه الأسئلة أصبحت الهاجس الأكبر للمملكة بشكل خاص وللعالم بشكل عام، ولم توجد إجابة واضحة أو محددة لهذه الأسئلة إلى الآن، فقد تنبأ الكثير من العلماء بانحدار إنتاج النفط بعد وصوله إلى الذروة خلال المرحلة الحالية، وهذا الانحدار سينتج عنه حصول كارثة اقتصادية للدول المنتجة للنفط وللدول الصناعية المتقدمة على حد سواء، لذلك يبحث العالم الصناعي المتقدم عن بدائل للنفط خلال المرحلة الحالية ووجد بدائل عدة إلا أنها من الناحية الاقتصادية لم تنافس سعر النفط وإن كان ذلك بشكل موقت.

لقد قدرت وكالة الطاقة العالمية في تقاريرها المنشورة في نهاية عام 2007 كمية الاحتياطي العالمي المؤكد بـ«1237,9» مليار برميل من النفط، 61% منه يوجد في الشرق الأوسط أي (755,3) مليار برميل و99,3 % من الـ61 % يوجد في الخليج العربي، ويقدر الاحتياطي المؤكد لبلادنا منفردة بنحو 25% من الاحتياطي العالمي من النفط، ومن المتوقع أن ينفد النفط خلال 40 سنة من العالم وليس من المملكة فقط، وهذه التقديرات وفقا للنفط المكتشف حتى الآن، ومع مرور الوقت وزيادة الاستهلاك العالمي واكتشاف المزيد من آبار النفط هذه المدة قد تقل أو تزيد، لكن ما أريد أن أصل إليه أن زمن ما بعد النفط قريب للغاية سواء 40 أو 50 أو حتى 70 عاما.

إن أهمية البحث عن بديل للنفط لاقتصاد دولة يعتمد عليه بنسبة تقارب الـ90% أمر هام للغاية، وفي نفس الوقت أمر ليس بصعب، ولكن الإشكالية تكمن خلال المرحلة السابقة أن كثرة الإيرادات القادمة من النفط أدت لعدم البحث عن بديل عنه، لماذا نبحث عن بديل في ظل توفر الموارد المالية مع ارتفاع أسعار النفط وزيادة الاحتياطي الأجنبي، هذه النظرة القصيرة هي التي أدت لما نحن عليه الآن من أزمة اقتصادية لمجرد انخفاض أسعار النفط لما يقارب الـ50 دولارا، فلك أن تعلم أن موازنة 2016 شهدت عجزا بلغ 326.2 مليار ريال، ما يعادل نحو 87 مليار دولار، فما بالك من الوضع الاقتصادي للبلاد إذا نضب النفط خلال المرحلة القادمة وهو المورد الاقتصادي الأساسي للبلاد.

هناك العديد من البدائل في المملكة التي تغني عن النفط بشكل نهائي، بل وتأتي بموارد كثيرة قد لا يتصورها الكثير، بل الأدهى من ذلك أنها قد تحافظ على كون المملكة مركزا عالميا للطاقة، فعلى سبيل المثال لا الحصر إن درجة الحرارة المرتفعة التي يشتكي منها الكثير قد تؤدي إلى تحول المملكة لأكبر مصدر للطاقة على مستوى العالم مع نضوب النفط إذا ما تم الاستثمار في الطاقة الشمسية خلال المرحلة الحالية بشكل كبير، خاصة أن هذه التكنولوجيا ما زالت في مرحلة المهد وفي حاجة إلى الكثير من الأبحاث وهذا شيء هام للغاية، فعلينا أن نمول الأبحاث الخاصة بالطاقة الشمية ونكون مشاركين في تطوير هذه الصناعة لكي نكون منتجين لهذه التكنولوجيا، وليس مجرد مستوردين، وشتان بين هذا وذاك.

ولك أن تعلم أننا إذا قمنا بتطوير السياحة الدينية (الحج والعمرة) وهذا من خلال تنظيمها بشكل أكثر مما هو عليه الآن، فإن الدخل الاقتصادي للحج والعمرة من الممكن أن يوازي دخل البترول وفقا لـ»نادية غباش» الخبيرة الاقتصادية خلال حديثها في ندوة اقتصادية في صحيفة اليوم، أما الثروة المعدنية فحدث ولا حرج فقد من الله علينا بالخير الوفير من الكثير من المعادن فاحتياطات الذهب والمعادن النفيسة لدينا تقدر بــ 20 مليون طن من الذهب، و60 مليون طن من النحاس، وإلى جانب ذلك فهناك الكثير من المناطق غير المستكشفة، والتي ما زالت المعادن الموجودة بها غير مقدرة، وبحسب التقرير السنوي لشركة معادن لعام 2014، فإن ترتيب حجم المبيعات جاء كالتالي: الفوسفات في المقدمة بمبلغ 5 مليارات ريال سعودي، ثم الألومنيوم بمبلغ 4 مليارات ونصف المليار، وجاء بعد ذلك الذهب ومعادن الأساس بمبلغ 715 مليونا.

أما الزارعة فنحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج التمور، إذ ننتج 25 % من الإنتاج العالمي، ويقدر حجم الإنتاج بـ 1.3 مليون طن سنويا، يصدر منها 10% إلى الخارج، ونستثمر نحو 6 مليارات ريال في التمور، بحسب بيانات لجنة التمور بمجلس الغرف، ويرى المختصون أنه رغم ذلك، فإن نسبة التمور من الإنتاج الزراعي للبلاد والبالغة 16% قليلة بالنسبة لإمكانيات المملكة في هذا الجانب.

وأخيرا فإن النعم التي وهبها الله لنا كثيرة، ولكننا إلى الآن لم نستغلها الاستغلال الأمثل بسبب أن الفترة السابقة شهدت توفر موارد مالية كبيرة بشكل مستقر من النفط، وهذا إن دل على شيء فيدل على نظرة قصيرة الأجل لمستقبل البلاد، ولكن لكل ضرر فائدة، فلعل انخفاض أسعار النفط أدى للاهتمام والبحث عن بديل للنفط والتمهيد لعصر ما بعد النفط.

الأكثر قراءة