هبة قاضي

من الآن إلى السعادة

دبس الرمان
دبس الرمان

الاثنين - 05 يونيو 2017

Mon - 05 Jun 2017



(سأخبر الله بكل شيء) يقولها صوت طفولي مليء باليقين، بادئا به فيديو غنائيا من إنتاج شركة زين. وحقيقة أحب أن أهنئ فريق العمل على هذا الانتقاء الرائع للكلمات التي غمرتني قوتها وأدهشني الانتقاء الرائع لسياقها ومدلولاتها.



أهنئهم على مثل هذه الحنكة في اختيار الموضوع وعرضه بمثل هذا القدر العالي من المحاكاة.



أهنئهم على مثل هذا اللحن الجميل والتصوير المتقن. فما زلت أعيد وأعيد في الفيديو وقد غمرتني الكلمات التي لامست في دواخلنا جميعا ذاك الطائفي الرابض الذي ينتظر شرارة نقاش مع شخص مختلف لينفجر غضبا وحقدا. وذاك الجاهلي العتيد الذي ينتظر شرارة خلاف ليذود عن منهج أو عرف أو عشيرة لمجرد أن هذا هو الشيء الوحيد الذي يعرفه.



وذاك اللامبالي الذي اعتاد السماع والمشاهدة، دون أن يتخيل أنها من الممكن أن تمسه أو تقترب منه لمجرد أنها لم تصل بعد، غافلين جميعا عن أن أحوال قوم هي انعكاس لأفكارهم، انعكاس لمعتقداتهم، انعكاس لقناعاتهم سواء كانت ممتلئة بمفاهيم الشر والعنف والإجبار، أو لمجرد أنها فارغة من مفاهيم التعايش والفهم والمعرفة. فشكرا جزيلا شركة زين فلطالما أبدعت في إدخال البهجة إلى قلوبنا.



ونصيحة من محبة هو أن تسارعوا بتغيير المقطع الأخير الذي يبدأ بـ (لنفجر) والذي للأسف كان سقطة حتى وإن كان الغرض هو تغيير الانطباع الذهني للكلمة وتحويله من رعب إلى فرح. بعض الذين يموتون.. لا يموتون. فرغم أنهم يرحلون عن دنيانا بأجسادهم، مختفين من بعد الواقع الملموس والمحسوس.



إلا أن بعضهم تظل أرواحهم الجميلة بطاقاتها الغامرة، حاضرة في بعد اللامرئي واللامحسوس، حيث تستمر في بث الأمل والحب والتأثير الإيجابي في أرواح الأحياء من خلال ما قدموه من كلمات، محاضرات، مقابلات وأعمال بثت في القلوب الحائرة الأمل، وفي النفوس المتألمة الراحة، وفي الأرواح التائهة طريقا إلى السعادة.





فرحمة الله على هناء إسكندر محاربة مرض السرطان العتيدة رغم عمرها الصغير والتي شابهت في إيجابيتها وابتسامتها أخاها محارب السرطان العتيد حمزة إسكندر. وأعزي والدين رائعين أبدعا في تنشئة شخصيتين ستظلان رمزا للصمود والأمل لمن يمر بنفس ظروفهما، ورمزا للحب والإيجابية لمن لم يمروا بنفس ظروفهما. ودعمنا كل الدعم لمن استمرت الابتسامات على وجوههم والإيمان في قلوبهم رغم قسوة المرض لدرجة أن استثمروا تلك المحن في الاقتراب من ربهم وفي إعانة غيرهم. فرحمة الله عليك يا نور البار، فما زلت أقرأ كلماتك من تدويناتك وأشعر بتجدد امتناني وبجرعة منعشة لإيمانياتي من حروفك التي ظلت حية بعدك. وتحياتي للجميلة والرائعة والصامدة جيهان عشماوي محاربة السرطان العتيدة ذات الروح المؤثرة وزارعة الأمل وقائدة لجيش عتيد من محاربي السرطان ومن المتشافين بفضل الله.



وشكرا دكتورة سامية عمودي ولكل جهودك الجبارة في التثقيف والوعي الصحي، ولتلك الابتسامة الواثقة رغم كل الصعاب ورغم عودة المرض والتي ستظل تعلمنا أن بعض الناس خلقوا ليكونوا مشكاة من أمل.



هل أنا لوحدي أشعر أم أنكم أيضا تشعرون مثلي أن رمضان هذا العام مختلف؟ أتشعرون معي بأنه متخفف من تلك الأحمال الثقيلة من التوقعات والبرمجيات التي أثقلته قبلا سواء في اتجاه الترفيه أو في اتجاه التدين. فلم نعد نرى تلك المنشورات التي تمثل الشيطان مكبلا أو منطلقا، أو التذكيرات المتكررة باغتنام الفرصة وتكثيف الطقوس قبل فوات الأوان والندم الشديد. أشعر بأننا كمجتمعات أصبحنا أكثر وعيا، وأكثر فهما لعمق الأشياء ومدلولاتها بحيث بدأنا في التركيز على ذواتنا، والاهتمام بروحانياتنا، والوعي برسائلنا المختلفة وطبيعاتنا المتفردة.



نعم رمضان هذا العام لسنا فيه في سباق سواء مع البرامج الدينية أو المسلسلات الدرامية.



رمضان هذا العام لا أحد فيه يراقب أحدا، ولا أحد فيه يجبر نفسه أو يجلدها لمقابلة توقعات معينة، ولا أحد فيه يشتكي أو يتقاعس أو يعصب بحجة الجوع والعطش. رمضان هذا العام يشبهنا كثيرا، فبعد كل ما مررنا به كأمة من مصاعب ومآس وأزمات وحروب بدأنا أخيرا في الإدراك، بدأنا أخيرا في فهم الدروس، بدأنا أخيرا في الوعي بأن الحياة أسخف من كل هذا الغضب، وأنها أغلى وأكثر قيمة من كل هذا الانقياد مع الآخرين، وأن الدين لله والأرض للجميع، وأن الله وحده بكل شيء عليم.



hebakadi@