ناصر عليان الخياري

حين يصبح التصوير مذبحة!

السبت - 03 يونيو 2017

Sat - 03 Jun 2017

لا تستغرب عزيزي القارئ من العنوان، فما نشاهده في وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر موقع اليوتيوب من مقاطع مؤذية؛ يجعلنا ندرك أن الكاميرا الجميلة التي أصبحت بمتناول اليد، لا تلتقط إلا المآسي! ولا تحضر إلا لتصوير الحوادث المفجعة، أو الجرائم المؤلمة، أو مواقف طارئة ما ينبغي أن تصور؛ فضلا عن أن تنشر.

ليس كل لقطة تصور قابلة للنشر. فالحكم دوما للضمير الحي، فما الفائدة المرجوة من تصوير حادث بشع راح ضحيته أفراد، وتسميتهم أو نشر صور جثثهم دون أدنى اعتبار لذويهم، وما قد يسببه المقطع، وتداوله من ألم نفسي لهم.

ولا أدري ما الفائدة من تصوير امرأة معتلة نفسيا تتعرى أمام إشارة المرور؟ ولا أدري لم تتم إعادة نشر هذه المقاطع وتداولها الكترونيا، وبشكل كثيف؟ وكأنها إنجاز، أو عمل درامي فني يضفي المتعة والبهجة في النفوس!

نعم، لقد تحول التصوير من فن جميل، يلتقط الصور الجميلة، فتعانق أعيننا، إلى تصويرٍ مؤذٍ، يعكف على توثيق المآسي، ليخلد مشاهدها في القلوب بلا جدوى ولا نفع.

والأدهى والأمر أن يستخدم التصوير استخداما مسيئا، فتشوه سمعة الناس، وتنتهك خصوصيتهم، من أناس أصبحت الإثارة الإعلامية لهم غاية وهدفا عملاقا يسعون إليه بشتى الطرق فيتصيدون الفرص وربما ينسقون لها ويعدون لها لعلهم يظفرون بمادة إعلامية تبرزهم وتضيف لهم عددا من المتابعين بغض النظر عن محتوى هذه المادة ومدى قيمته فنيا أو مضمونا.

البعض للأسف بلغ به إما الجهل أو التمادي إلى ارتكاب مخالفات لنظام الجرائم الالكترونية، فبدلا من اتباع الخطوات النظامية الصحيحة في الإبلاغ عن شبهة ما، يقفز فورا إلى التصوير، ثم النشر في وسائل التواصل الاجتماعي، فلا يتأنى ولا يستشير ليميز بين ما يجوز نشره نظاما ومالا يجوز؛ رغم أن الإجراء الرسمي سهل جدا فيكفي الاتصال على الدوريات الأمنية، أو الإبلاغ عن طريق تطبيق كلنا أمن أو التوجه إلى أقرب مركز شرطة.

لكن إثارة الرأي العام أصبحت سهلة وممتعة ولو أدرك أولئك خطورة هذا التصرف وما يترتب عليه من تطبيق نظام الجرائم الالكترونية لامتنعوا عن هذا الهوس العجيب.

التشهير بالناس أمر غاية في السوء، والحكم على الناس قبل أن يقول القضاء كلمته جنوح للباطل، وظلم للنفس قبل الغير، ثم قد ينتهي الأمر برفع المتضرر قضية تشهير وإساءة من المؤكد أنه سيكسبها.

رغم أن الأجهزة المعنية قد وضحت طبيعة نظام الجرائم الالكترونية بمختلف الوسائل، وشرحته جيدا، إلا أن ثقافة البعض القانونية ما زالت تصر على مبدأ «أنا ما سويت شيء بس صورت وبمجرد الاعتذار وحبة الخشم تنتهي السالفة»، ولا يعلمون أن القضاء سيأخذ مجراه وأن الاعتذار لا يكف القضية و»حب الخشوم» لن يمنع تطبيق العقوبة. إذن استخدام الكاميرا مسؤولية يتحمل صاحبها مسؤولية ما تلتقطه عدستها وما ينشره في وسائل التواصل الاجتماعي.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال