لن أقول آمين

السبت - 03 يونيو 2017

Sat - 03 Jun 2017

أحمد الله الذي بلغنا رمضان، وأسأله سبحانه أن يعيننا على طاعته وحسن عبادته. إن لرمضان روحانية وشعورا لا يمكن الإحساس بها في غيره.

ومن أهم أسباب هذه الروحانية هو الدعاء ومناجاة الخالق سبحانه وتعالى، فالدعاء غذاء للروح وعلاج للهم وشعلة للأمل، فله الحمد والفضل على هذه النعمة العظيمة.

مذ كنت صغيرا وأنا معتاد على قائمة من الأدعية حفظتها بعدما سمعتها من مشايخنا من دون استيعابها.

أذكر قصة كانت سببا في استدراكي لكيفية الطلب من الله سبحانه وتعالى، وكان ذلك في أحد مساجد الرياض حيث كنت أصلي التراويح مع الجماعة. وفي دعاء القنوت، دعا الإمام -ككثير من الأئمة «اللهم عليك باليهود والنصارى، اللهم يتم أطفالهم، ورمل نساءهم، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك» إلى آخر الدعاء. وفي هذه الجزئية من الدعاء لم أقل «آمين» لعدم اقتناعي بالأسلوب ولا بالمطلوب.

ذهبت بعد الصلاة إلى الإمام للتحدث معه، فأحببت أن أبين له وجهة نظري فسألته –معتذرا عن التطفل «يا شيخ، هل يعجز الله هداية اليهود والنصارى ولا يعجزه ترميل نسائهم وتيتيم أطفالهم؟ ألا تفضل يا شيخنا هدايتهم، بدلا من موتهم على الديانة اليهودية والنصرانية؟ خصوصا وأن ديننا ضد العنف والأذى» تلقى الإمام كلامي بصدر رحب وفهم مغزى سؤالي وأجابني «ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه دعا على المشركين في حالة حرب، ولكن الأصل بالفعل هو الدعاء لهم بالهداية»، والجميل في الشيخ أنه دعا في اليوم المقبل دعاء يختلف كليا عن دعائه الذي لم أقل فيه آمين. هذا الموقف جعلني أتساءل لو أسلم يهودي أو مسيحي وصلى خلف إمام يدعو على الكفار بالعذاب والموت، هل سيقول آمين؟ هل نتوقع منه أن يتمنى العذاب والموت لأهله وأقاربه؟ بل هل سيقتنع أن الإسلام فعلا دين السماحة والتعايش؟

مثل هذه المواقف وغيرها جعلتني أستوعب أن الذي نناجيه هو العظيم الجبار، فأدركت أن اختيارنا للكلمات والأسلوب لا بد أن يكون بما يتناسب مع المناجى جل شأنه وعلا قدره، وكذلك تذكرت أن من ندعو ونطلب هو القادر على كل شيء وهو الكريم المعطي لذلك سأطمع بالطلب وأستبعد أن يكون مستحيلا على الله. لذلك سأدعو للأعداء بالهداية، وللمجرم بالتوبة، والعاصي بالستر. وسأتخذ من سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عبرة، فهو الذي ناداه ملك الجبال يوم الطائف «إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا».

قفلة: سبحان أكرم من قال «ادعوني أستجب لكم» وقال «ادعوا ربكم تضرعا وخفية»، وقال «فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان».

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال