آلاء لبني

استثمار رمضان

الجمعة - 02 يونيو 2017

Fri - 02 Jun 2017

هل رمضان بكرمه وجوده ضيفا عزيزا سرعان ما يغادر. تتعلق به القلوب تبحث عن فجر جديد، نجدد فيه أرواحنا ونوايانا وأعمالنا ومصيرنا.

رمضان هندسة لحياتنا بطريقة مغايرة، وبه نرسم التغير الإيجابي في الروح والعقل والجسد.

كما وصفه الدكتور راغب السرجاني بشهر الانتصار (المتأمل في أحداث شهر رمضان عبر التاريخ الإسلامي، يجد أن المسلمين ينتقلون كثيرا من مرحلة إلى أخرى في شهر رمضان، من ضعف إلى قوة، ومن ذل إلى عزة).

يا ليتنا نعلن على ذواتنا معركة نحارب بها ضعفنا ومسؤوليتنا الكاملة عن كثير من الأخطاء.

رمضان شهر القرآن نقرؤه ونتسابق على تكرار ختمه، وواقع حالنا لم تتجاوز كلماته حناجرنا، والأولى أن نتدبر آياته وأن نأخذ لو آية واحدة ونطبقها حكمة واستشعارا طول رمضان حتى تتمكن حقيقة المعاني في قلوبنا فتنعكس على حياتنا.

مثلا نقرأ سورة الكهف كل يوم جمعة، يا ترى لماذا الكهف دون غيرها؟ قال تعالى (ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا) ظلمة الكهف كانت هي طريق النجاة والنصر يقلب الأمر حكمة، لو تمكن المعنى في قلوبنا ما جزعنا لكل ظلمة تحيط بنا.

وقال تعالى (قال إنك لن تسطيع معى صبرا * وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا)، لو قرأت بتدبر لما عرفت التسخط والتذمر أرواحنا، لكل ما لا نعلم نهايته ومنتهاه.

الصوم تربية للروح والجسد والجوارح، يا ترى حين نصوم ونحن نعلم بأن موائدنا ستزدان بألوان الطعام بما لم تعرف طوال العام، وأن اللسان سيتذوق الحلو والمالح والحامض والمر كل هذا في أقل من 5 دقائق! هل بعد تخيل تلك المائدة سنعرف ألم جوع من اعتصرت معدته لعدة أيام، هل سنتذوق شكر النعم كما نتذوق ما لذ وطاب.

لنتأمل معاني السمو الروحي تلك التربية الإسلامية التي ضاعت في تفاصيل ترفنا والجري وراء الأسواق والاستهلاك، والبحث عن سباق التوافه والاستخفاف لبعض المسلسلات والبرامج.

لماذا لا نضع ولو هدفا واحدا ككسر عادة سيئة بهذا الشهر، فهو شهر التغير حتى نصنع فرقا مهما صغر أو كبر.

إدمان القهوة والجوال والتدخين...إلخ، أمور عديدة عقد العزم على التغير يحقق النتائج بشكل أسرع من الشهور الأخرى، على سبيل المثال أنا مدمنة قهوة (القهوة السوداء) ثلاثة أكواب يوميا، في رمضان فقط يصبح وجودها وعدم وجودها واحدا، ببساطة لأني كل عام أتدرب قبل شهرين على تخفيفها حتى أصل لرمضان ولا تشكل القهوة هاجسا يؤرقني ويسبب لي الصداع.

طريقة استثمار رمضان وتحمل المسؤولية الذاتية عن بعض القرارات التي نتخذها في حياتنا تصنع حياة جديدة نتحرر فيها من عاداتنا السيئة ونرتقي للأفضل.

وزير الصحة توفيق الربيعة أكد وتحدث عن مسؤولية الفرد وقراراته في مقطع إلغاء حملة ضد التدخين، 70 ألف مواطن يموتون بسبب أضرار التدخين. الربيعة قدم الحملة بشكل ذكي مما جعلها أكثر تأثيرا في انتشار المقطع. كما طرحت وزارة الصحة وسم #ساعدنا _نساعدك والذي يسعى لتحفيز المقلعين عن التدخين بنشر قصص نجاحهم.

لنستثمر رمضان ونكتب قصة نجاح جديدة في محطات الحياة السريعة التي تنقضي كلمح البصر.

Alalabani_1@