فارس هاني التركي

سعودة الدجاج

أرقام فارس
أرقام فارس

الاثنين - 29 مايو 2017

Mon - 29 May 2017

هل فكرت يوما في عدد الدجاج الموجود في العالم؟ وهل يكفي لاستهلاكنا أم لا؟ خاصة عندما يصل عددنا إلى 10 مليارات نسمة في كوكب الأرض بحلول عام 2050؟



موضوع توفر الغذاء من المواضيع الاستراتيجية المهمة التي تشغل بال المفكرين والعلماء وصناع القرار في العالم.



منهم من عمل واجتهد واعتبر مسألة الأمن الغذائي مسألة خطيرة لا تقل في خطورتها عن خطر الإرهاب وخطر الحروب، فنجد أن العديد من الدول اجتهدت في تطوير علوم الزراعة والرعي والري وحققت نجاحات باهرة حتى أصبح العالم اليوم ينتج في المعدل 17% طعاما أكثر لكل شخص مقارنة بما قبل 30 عاما مضت. في المقابل نجد أكثر من مليار شخص ينامون يوميا وهم جائعون بسبب الفقر والفساد وسوء توزيع الموارد وليس «ندرتها» كما يعتقد البعض، فإنتاج العالم من الطعام حاليا يكفي لإطعام 10 مليارات شخص المتوقع وجودهم عام 2050 وليس 7 مليارات فقط.



من هذا المنطلق حرصت العديد من الدول على مسألة الأمن الغذائي وتوطين العديد من منتجاتها الغذائية وكذلك فعلت المملكة مع الدجاج، فاستهلاك المملكة المحلي يبلغ يوميا 3.8 ملايين دجاجة أي أكثر من 1.3 مليار دجاجة سنويا. الإنتاج المحلي من الدجاج لا يسد سوى 40% من الاستهلاك بينما نحو 60% تتم تغطيته من الدجاج المستورد الذي يأتي معظمه من البرازيل فالمملكة تستورد منها سنويا أكثر من 400 مليون دجاجة. البرازيل أكبر مصدر للدجاج في العالم، ولديها العديد من المصانع، ولكن للأسف ليست جميعها بنفس المستوى من حيث الجودة والسلامة الغذائية والحرص على تطبيق معايير الذبح الحلال، وقد انتشرت بعض الأمراض لديهم مما دفع هيئة الدواء والغذاء السعودية لمنع الاستيراد من عدد من شركات الدجاج البرازيلية. تأثير هذا المنع يكاد لا يذكر على عمالقة منتجي الدجاج البرازيلي فلديهم المقدرة على تحمل مثل هذه الأزمات ولديهم 150 دولة أخرى للتصدير لها ولديهم القدرة على إغراق الأسواق بالدجاج الفائض وكسر الأسعار وتحمل الخسارات الموقتة، بينما نحن في السعودية يجب أن نعود لدعم منتجنا المحلي الذي استطاع إثبات نفسه، وذلك بفضل الله تعالى ثم دعم الحكومة (بالقروض الزراعية) وإقدام المستثمرين للدخول في هذا المجال الصعب رغم كل الاشتراطات والأنظمة التي وضعت لضمان جودة أفضل، فتجد أن الدجاج المحلي يتغذى على العلف النباتي بينما أغلب الدجاج المستورد يتغذى على العلف الحيواني لرخصه فهو يحتوي على بقايا حيوانية، ومن المعلوم أن العلف يشكل 80% من تكلفة إنتاج الدجاج. السعر يلعب دورا كبيرا لحظة قرار الشراء لدى المستهلك، ولكن المستهلك يجب أن يكون واعيا كذلك لجودة ونوعية ما يشتريه ويأكله.



لن يكون لدينا اقتصاد قوي إذا لم ندعم المنتج المحلي، ونحن هنا نتكلم عن منتج محلي أثبت كفاءته وجودته وتنافسيته، ولكنه يواجه عمالقة دوليين متمرسين ومستعدين لفعل أي شيء لكي يكسبوا الجولة ويكسبوا الصراع في سبيل أن نستورد منهم، ونظل نعتمد حتى في أكلنا عليهم، رغم أن لدينا القدرة المالية والكفاءات البشرية لتوطين هذه الصناعة والاعتماد على مواردنا لتحقيق أمننا الغذائي المنشود.



farooi@