محمد حطحوط

التسويق في رمضان.. مزعج

الاحد - 28 مايو 2017

Sun - 28 May 2017



انظر كيف نجحت خطط التسويق في تغيير عاداتنا الاستهلاكية وبشكل يدعو للتأمل: لاحظ الحشود الهائلة من الناس في التموينات الغذائية والهوس الشرائي وكأن السعودية مقبلة على مجاعة أو حرب! دقق كيف استطاعت شركة أن تقنع - تقريبا - كل بيت سعودي بشراء سائل أسود، أثبتت الدراسات أنه مضر جدا للجسم وغير صحي، ومع ذلك لا تكاد تخلو منه أي سفرة في رمضان! ولاحظ في المقابل شركة أخرى أقنعتنا بشراء (بودرة) برتقال، مع أن المصنع لتلك الشركة لم يدخله - ربما - برتقالة واحدة! تأمل عزيزي القارئ كمية الزيوت المهدرجة التي تدخل منازلنا، والتي يؤكد أي متخصص بالتغذية أنها سبب لأمراض القلب والسرطان وجميع أسقام الدنيا! كل سنة تنفق الشركات على التسويق في رمضان ملايين الريالات لتوجيه سلوكنا الشرائي لمنتج معين، ولزرع عادات استهلاكية جديدة في تفاصيل حياتنا.





وحتى تعرف خطورة الثقافة الاستهلاكية المرعبة التي وصلنا لها، انظر للسعرات الحرارية التي نحملها في نهاية كل رمضان.



كارثي جدا أن يكون هدف رمضان النبيل (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) غائبا.. ضائعا.. تائها. (لعلكم تتقون) هي الغاية النهائية الكبيرة من الصوم في رمضان. (تتقون) لأن الصيام يدرب على مراقبة الله كما يقول ابن سعدي في تفسيره، (تتقون) أي تضعُفُون كما أشار القرطبي.



رمضان كان ولا زال فرصة سنوية مذهلة للتغيير والتجديد الروحي والتأمل وإعادة الحسابات، وتذكر الفقراء والمساكين، وهو فرصة سانحة لتعديل السلوك للأفضل، السلوك الديني والاجتماعي والغذائي. ولكن حولته ثقافتنا الاستهلاكية ليصبح بأثر عكسي.. حيث أصبحنا فيه عن الله أبعد، وصارت أجسادنا فيه أثقل. هذه دعوة للتأمل في سيناريو رمضان لهذا العام.. لعله يكون منعطفا جديدا في حياتنا، لا يكن تركيزك كم جزءا ستقرأ، بقدر ما هو كم عادة إيجابية ستستمر معك بعد رحيل رمضان.



وحتى لا نكون مثاليين ونلقي نصائح مجانية، ولأن التغيير يبدأ من الداخل أولا: خلال الخمس سنوات الماضية تقريبا، على المستوى الصحي، لدي هدف أن أخسر خمسة كيلو في رمضان، سأرفع هذا الرقم هذه السنة لثمانية، وهو رقم كبير بالنسبة لنحيل مثلي! جرب أن تعيش رمضان صحيا. فقط عش متعة التجربة.





mhathut@