فاتن محمد حسين

معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج.. الريادة العلمية

السبت - 27 مايو 2017

Sat - 27 May 2017

تتشرف المملكة العربية السعودية بما وهبها الله من مميزات فريدة - منها عمقها الجغرافي والإسلامي والتاريخي والتي تفخر به منذ تأسيسها حتى يومنا هذا في رؤيتها 2030 - لاحتضانها للحرمين الشريفين والأراضي المقدسة؛ ففيها قبلة المسلمين ومسجد رسوله الكريم.



ومن منطلق هذه المكانة كان لا بد لها من توظيف العلم والمعرفة في خدمة الحرمين الشريفين من خلال إنشاء معهد علمي، والذي بدأ كنواة بحثية صغيرة عام 1395 ثم تطور إلى مركز أبحاث عام 1401 ثم إلى معهد وأطلق عليه اسم معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة والزيارة، ليتحول إلى بوتقة علمية ونقلة نوعية في البحوث والدراسات التطبيقية تحتضنها جامعة أم القرى للارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن. وفي كل عام يقام ملتقى علمي يشرف عليه المعهد وتناقش فيه البحوث والدراسات المقدمة من الأكاديميين والعلماء وأرباب الفكر في مجالات متنوعة.



وفي الحقيقة كان لي شرف المشاركة في (الملتقى العلمي 17 لأبحاث الحج والعمرة والزيارة) بورقة عمل عن (عمل المطوفة في مكاتب الخدمة الميدانية) مع بعض زميلاتي المطوفات وحضور الملتقى يومي الأربعاء والخميس 14-15 شعبان 1438.



وحقيقة كان الملتقى أكثر من رائع بجميع محاوره وأوراق العمل التي قدمت فيه؛ فقد اشتمل على ثماني جلسات علمية ومحاور: في الإدارة والاقتصاد، والتوعية والإعلام، والبيئة والصحة، والعمران والهندسة، والمبادرات والإنجازات في تطوير الخدمات والمرافق، وفقه الحج والعمرة والزيارة، والتقنيات وتطبيقاتها، ومشاركة المجتمع في خدمة الحجاج والمعتمرين والزوار.



والمتأمل في هذه المحاور يجد أنها موضوعات متكاملة تدخل في صلب الاحتياج الحقيقي لتطوير الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن. وكيف أن الله سخر عباده الصالحين ومنحهم التدبر والتفكر والوصول إلى الحقائق العلمية لخدمة قاصدي المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف؛ فهذه المحاور تعكس النظرة الشمولية للحج تخطيطا وتنفيذا ومتابعة بحيث تعالج المشكلات في إطار من التكامل وليس الاهتمام بجانب على حساب الجوانب الأخرى. فقد شمل الملتقى أكثر من 100 ورقة علمية ومعلقة تم اختيارها بدقة من قبل محكمين مختصين.



وفي الحقيقة فإن جميع محاور الملتقى من الأهمية بمكان، إلا أن محور (الإدارة والاقتصاد) كان من أهم المحاور - من وجهة نظري - لأنه تبنى دراسات مفصلية مثل: قدرة منظمات إدارة الحج في إدارة الكوارث، وثانية عن (إدارة الأزمات والمخاطر في القطاعات العاملة في الحج والعمرة والزيارة )، وأخرى عن (إدارة وتنظيم الحشود). وحقيقة ترجع أهمية هذه الأوراق للاهتمام بأمن وسلامة الحجاج الذين يشكل الازدحام والتكدس تحديا استراتيجيا لنا في ظل رؤية المملكة 2030 وزيادة عدد الحجاج والمعتمرين إلى 30 مليونا سنويا، وهو ما يجب أن يراعى فيه وضع كل الإمكانات لتنسيق الجهود بين كل الأجهزة الأمنية وكل الجهات الأخرى ذات العلاقة بخدمة الحجاج، خاصة أن إحدى الدراسات قد أثبتت «عدم وجود إدارة مشكلة أو وحدة لإدارة الكوارث في بعض القطاعات العاملة في مجال الحج والعمرة! وهو ما يتطلب وجود هذه الوحدة أو المراكز لإصدار اللوائح والأنظمة التي تنظم عمل إدارة الأزمات والمخاطر وتحديد المهام والمسؤوليات مبكرا واختيار الكوادر البشرية المؤهلة لقيادة فرق العمل وإدارة الأزمات».



ولعلي هنا أتساءل عن سبب الحضور الباهت في الملتقى من قبل كثير من الجهات، خاصة المطوفين والمطوفات، فالقاعة النسائية لا يتجاوز الحضور فيها بضع مطوفات وبعضا من الأكاديميات! أليس من الأجدى أن يكون الحضور متوافقا مع أهمية الطرح فالكل مسؤول ومشارك في خدمة حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة والمدينة المنورة؟ ربما كان الإعلام أصلا ضعيفا حول الملتقى فلم يبث على مواقع التواصل الاجتماعي أو في الصحف الورقية والالكترونية بالشكل الكافي.



كما أن موعد انعقاد الملتقى ربما كان سببا آخر؛ وهو أنه في شهر شعبان وصادف الاستعداد للاختبارات، وليت المعهد الموقر يخطط لموعد ملائم لمثل هذا الملتقى القيم.



كل الشكر والتقدير للجهات المنظمة في جامعة أم القرى وجامعة طيبة ولعميد المعهد سعادة الدكتور سامي برهمين وكل القائمين على المعهد على حسن التنظيم وكرم الضيافة.



ولكن يبقى سؤال كبير وملح في الأذهان، هو: ما مدى الاهتمام بتطبيق هذه الدراسات القيمة؟ وهل تتلقف الجهات المعنية، ومنها هيئة تطوير مكة، هذه الدارسات لتضعها موضع التنفيذ؟ فتتحقق الغاية والقصد في الخدمات التطويرية ونحقق تطلعات قيادتنا الحكيمة في تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن؟