أحمد صالح حلبي

وطن بلا مخالف.. أم بلا مجامل؟

الخميس - 25 مايو 2017

Thu - 25 May 2017

من الصعب أن نطالب الجهات الحكومية المشاركة في حملة «وطن بلا مخالف» بالقضاء على ظاهرة العمالة السائبة والمقيمين المخالفين لأنظمة العمل والإقامة، وبيننا من يرتكب هذه المخالفات ويؤوي المخالفين، ويتحدث بلغة الوطنية والحرص على الالتزام بنظم الدولة وقوانينها، وهو أول من يسعى لارتكاب هذه المخالفات، ويضاعفها بعدم توفير الفرص الوظيفية للشباب السعودي، والعمل بطريقة عكسية تخالف نهج الدولة، معتمدا على دعم المخالفين وتشجيعهم وإفساح المجال أمامهم للعمل.



وإن توقفنا أمام كيفية تعيين المقيمين بوظائف إدارية أو مالية داخل بعض المنشآت التي تشرف عليها الدولة، فإننا نجد أن بعض قياديي هذه المنشآت، يعتقدون أن عملية بقائهم واستمراريتهم في مناصبهم يعتمد على إبعاد المواطنين السعوديين، واستقطاب غير السعوديين، وإن تعذر استقدامهم أو نقل كفالتهم، استخدموا نظام «أجير»، ليقال إنهم التزموا بنظم العمل ولوائحها.



ومن هنا يتضح أن المخالف الحقيقي لنظم العمل والإقامة، ليس المقيم لأنه لم يرتكب أيا منها، بل ذاك الذي سعى للتحايل على الأنظمة واللوائح واستغل منصبه داخل المنشأة الخاصة.



وهنا نسأل من يدعي الوطنية، كيف يسعى للتلاعب بالأنظمة واللوائح، ويحول العامل الأجنبي إلى موظف إداري، ويمنحه صلاحية تصديق عقود إسكان الحجاج؟



إن ما نحتاجه ليس معاقبة المقيمين لممارستهم عملا لا يتوافق ومهنتهم المدونة بإقاماتهم، بل معاقبة كل مسؤول مهما كان منصبه، سواء كان رئيسا لمجلس الإدارة أو مديرا عاما، لأنه لم يخالف أنظمة العمل ولوائحها بل سعى للتحايل على الدولة واستغلال منصبه، معتمدا على علاقته بهذا أو ذاك لتبرئة أخطائه ومخالفاته.



وإن أردنا النجاح الحقيقي لحملة «وطن بلا مخالف»، فعلينا أن نعمل على تنفيذ حملة «وطن بلا مجامل»، ولا نرى مجاملة لهذا أو ذاك.



وألا يكون هدف الحملة منحصرا على الأفراد وأصحاب المحلات التجارية الصغيرة، فهؤلاء إن ارتكبوا مخالفة فإنهم مضطرون، فالوظائف التي يوفرونها لا يتقبلها الكثير من المواطنين، أما لانخفاض مرتبها أو لعدم رغبة السعوديين بالعمل بها، غير أن المنشآت الخدمية الخاضعة للإشراف الحكومي، والتي تقدم مرتبات جيدة وبدلات ووظائفها جلها إدارية، هي الأكثر مخالفة.



وهنا نقول إنه لا بد من العمل على تنفيذ حملات تفتيشية مفاجئة على هذه المنشآت لمعاقبة المخالفين منها، وإلغاء فكرة أن خضوعهم لإشراف وزاري يعفيهم من الكثير من المخالفات، وأن وجود أعضاء مجلس إدارة من الموظفين الحكوميين، يمكنهم من إبعاد المخالفات عن المنشأة حتى وإن ثبتت.



وما أتمناه أن تسعى الحملة لتطبيق الأنظمة بحق المخالفين دون مجاملة، والعمل على التشهير بالمخالفين ومعاقبة المسؤول الأول بالمنشأة وتكليفه بسداد المخالفة من حسابه الخاص، فمن الظلم أن تجير المخالفة على صندوق المنشأة وتحسم من مستحقات المساهمين الذين لا ذنب لهم في ارتكابها.



[email protected]