عبدالله المزهر

الصور المحرجة

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 23 مايو 2017

Tue - 23 May 2017

ماذا أضافت رؤية الصور التي نشرها علي أركادي مصور مجلة دير شبيجل الألمانية عن جرائم الحشد الشعبي في الموصل وبقية العراق؟



من ناحية المعرفة فهي لم تضف أي شيء، فالجرائم التي حدثت هناك يعرفها العالم بأسره، لكن الصور أحيانا تكون محرجة لمن يريد تجاهل الحقائق، أو يستمتع وهو يخدع نفسه ويطمئنها بأن الأمور على ما يرام. وهذه حيلة نمارسها جميعا وإن كان بدرجات متفاوتة، نحب أن نتحاشى طرح الأسئلة التي نخشى سماع إجاباتها الحقيقية، ونتحاشى التواجد في المكان الذي قد نسمع فيه ما لا نحب من الأشياء التي نعرفها يقينا.



العالم يريد أن يصدق فكرة أن جيشا عراقيا وطنيا حقيقيا يحرر أرضه المغتصبة من قبل مجموعة من الإرهابيين القتلة. هذه الفكرة مريحة وتجعل وجود ضحايا وقتلى فكرة يمكن تقبلها في حروب التحرر والخلاص من العدوان.



القول بأن ما يحدث هو تطهير عرقي وطائفي تقوده عصابات منظمة تقدم نفسها للعالم على أنها دولة ذات سيادة ورؤية هذه الحقيقة بوضوح ستكون أمرا محرجا وذنبا يصعب التعايش معه على الأقل في العلن.



لا أحب نظرية المؤامرة كثيرا، وهذا يعني أني أحبها «قليلا»، والمتتبع لسلسلة الجرائم التي تقع في العراق وسوريا يجد عاملا مشتركا واحدا، وهو أن داعش تدخل بسهولة ودون مقاومة وتحتل مكانا ما، ثم يأتي المحررون ويقتلون كل شيء إلا داعش ويهجرون السكان ويشردونهم بدعوى التحرير والتخلص من قوى «الظلام»، هذا الأمر تكرر في أكثر من مدينة مما يجعل حسن النية أحد أبواب الغباء الفطري.



وعلى أي حال..

بعيدا عن التعاطف الإنساني مع الأبرياء في أي مكان في العالم، لكن التجارب والتاريخ والجغرافيا وعلم النفس والاجتماع وبقية العلوم الإنسانية الأخرى تقول إن الظلم هو الخطوة الأولى لتغيير الإنسان إلى وحش كاسر، وإن أخطر الكائنات الحية على الإطلاق هو الإنسان الذي لم يعد لديه ما يخسره. وإذا كان العالم يرى هذا ويشاهده يحدث أمامه يوميا فإن عليه أن يكف عن الشكوى من الإرهاب، لأنه لا يفعل شيئا لمحاربة أصل المشكلة وأساسها.



@agrni