مرزوق تنباك

هلكوني.. عمل فرد لحماية مجتمع

الثلاثاء - 23 مايو 2017

Tue - 23 May 2017

هلكوني وسم شهير أصبحت ترتعد منه فرائص كثير من الناس الذين يصدق عليهم القول المأثور (كاد المريب أن يقول خذوني)، وليس المهم خوف المرتابين منه ولكن المهم في هذه الكلمة أهمية الجهود المخلصة البناءة حتى لو كان القائمون بها قلة أو أفرادا ينذرون أنفسهم وجهودهم لقضايا الوطن، ويجعلونها خالصة للنفع العام الذي لا تشوبه المصالح الذاتية، حين يوجهون قدراتهم وإمكاناتهم لصالح المجتمع وتربيته على أسس من الصراحة والوضوح والبعد عن الفساد والشبهات الضارة، فيسلم المجتمع الذي ينتمون إليه بفضل أعمالهم. وهؤلاء الأفراد والجماعات الذين يندبون أنفسهم لعلاج الأخطاء تلك التي يتعدى ضررها إلى الناس يعانون أحيانا من هجمات أصحاب تعارض المصالح وقد ينالهم الأذى، والقليل منهم هم الذين يواجهون الباطل بشجاعة حتى يندحر ويصححون الأخطاء مهما كانت صغيرة في نظر البعض أو غير مهمة في نظر البعض الآخر، وأكبر الأخطاء الغش الذي تمنعه كل القوانين والأعراف والشرائع البشرية والدينية ومنها شريعة الإسلام التي نفت أن يكون الغشاش من المجتمع في صريح القول (من غشنا ليس منا)، هذا حكم للنفي المطلق لكل أنواع الغش الذي يضر في مصالح المجتمع ويسيء إلى قيمه وسلامة سلوكه سواء كان ذلك السلوك عاما في مضمونه أو خاصا، ويعظم خطر الغش إذا خالطه التزوير، وكلا الحالين الغش والتزوير سلوك منحرف تتغلب فيه مصلحة الفرد الغشاش والمزور على مصلحة الجماعة التي ينتمي إليها وتستهدف الضرر بثوابتها وقيمها وسلامة التعامل بين أفرادها.



إن المجتمع الذي تتوفر فيه روح التضحية من الأفراد مهما كان موقعهم من السياق الاجتماعي، هو المجتمع السليم الناضج الذي تكون كوابح الباطل والفساد فيه فاعلة ومانعة. فصاحب الوسم الشهير (هلكوني) شخص واحد أستاذ تربوي معروف أدرك بحسه الوطني وغيرته الأكاديمية على أبناء وطنه الخطر الذي يسببه الزيف وطلب المكانة العلمية بغير أسبابها، وغفلة الناس عما يشكله المزورون والمزيفون للشهادات العلمية من اختلال في سلوك المجتمع وأخلاق المهنة الفاضلة حين لا يطلبون العلم بأدواته وآلياته وأسبابه وحين يريدون فضائله ولا يتحملون مسؤولياته ومطالبه ولا تمكنهم قدراتهم من الوصول إليه فيلجؤون إلى الغش والزيف والاحتيال وتلك بضاعة مزجاة.



ندب الأستاذ الدكتور موافق فواز الرويلي نفسه محتسبا لحماية المعارف العامة أمام ما أصبح يعرف ببيع الشهادات العلمية وشرائها، وهي ظاهرة غير مريحة في العالم فاخترع وسم هلكوني وتتبع أوكار المزيفين ولصوص الشهادات الوهمية ومراكز إنتاجها وكشفها حتى لا تخفى على أحد يريد السلامة، وهو جهد كبير يقوم به فرد واحد حتى صار الوسم شبحا يخيف المتلصصين والمتطفلين على موائد العلم ومجال العمل، وصار هلكوني حاجزا منيعا بين الحقيقة بلذتها وطعمها وبين الباطل والزيف، هذا العمل الفردي الذي يقوم به رجل واحد كشف الناس الذين وقعوا في فخ الزيف فعراهم وبين سوء ما فعلوا وكشف حالهم وحمى مجتمعه منهم أو من أكثرهم، ولكن ليس هذا هو المهم. المهم الجموع القادمة إلى ذلك المرتع الوخيم فقد سبقهم الوسم ورفع إشارة التوقف أمامهم وأصبح كل من تسول له نفسه الأمارة في طلب الشهادة المزيفة تقرع سمعه ملامح هلكوني قبل الإقدام على شرائها فلا يقدم على هذا الحنث الكبير، لقد أنذر الوسم الكثيرين الذين كان من الممكن أن يقعوا في شراك شهادات الوهم وأسماء الواهمين. ومنع تسليع الشهادات وابتزاز الناس وأخذ أموالهم بالباطل ونجا أكثرهم مما قد يحدث من أخطاء قد يرتكبها هؤلاء الأدعياء والمزيفون حين يمارسون المهن التي شهد لهم بحمل شهادتها وإحسان صنعتها طلاب المال ومروجو الأوهام. هلكوني عمل فردي لكنه حقق حماية للمجتمع من الزيف والتضليل وقدم توعية نافعة للغافلين والمخدوعين.



Mtenback@