عبدالحليم البراك

الناس في تويتر.. اعتداء على السلطات الثلاث!

يمين الماء
يمين الماء

الاثنين - 22 مايو 2017

Mon - 22 May 2017

قال أحد الأصدقاء إن الناس في تويتر يملكون سلطتين، قلت: ويطالبون بالسلطة الثالثة أيضا! عموما الشاهد على ذلك يبدأ مذ نزل الفيديو الذي يدعي إدانة سيدة بالسحر والشعوذة وأحكام الناس التي صدرت منهم بإدانتها. ويبقى رأيي أنها بريئة ما لم يحسم القضاء - لا الناس - الحكم عليها!



عموما، استولى الناس على سلطة التشريع، من خلال الحكم على أنها ساحرة، والحكم على محتوى ما في «الفلاش مومري» بأنه سحر، والرجل الذي أدانها أو حاول أن يدينها، اكتفى بحكمه الشخصي عليها وصدقه الناس بعد اطلاعهم على الفيديو لا على الأوراق وأدى ذلك لإدانتها والتشهير بها.



والمعنى، أننا صرنا نخاف ممن لا يفهم ما نكتبه، قد يدعي بأنه سحر وأننا سحرة. وأذكر أني كنت في مكتبة خاصة بكتب التراث وجاء رجل يطلب الزبور والتوراة والعهد القديم، وعليه مظاهر الصلاح، والبحث العلمي في إحدى الجامعات الإسلامية في المملكة، ولو كنت ساذجا لكان سهلا علي أن أتهمه بأنه يهودي لأنه يطلب التوراة، لكن بم سأتهمه إن طلب الزبور؟!



قصة ظريفة وحقيقة مشابهة للموضوع ومناسبة للغاية، كانت الفتاة تقرأ كتابا من أمريكا الجنوبية، والترجمة للمترجم الشهير «صالح علماني» ، ولما وقع الكتاب في يد أحد أفراد عائلتها اتهمها بالعلمانية لأن المترجم اسمه صالح علماني!



والملاحظ أن الناس من خلال الواتس أب وتويتر يعتدون على السلطة التنفيذية، فهم يكادون ينفذون ما يدور في رؤوسهم مثل التشهير وغيره، فلا تستغرب عزيزي القارئ إن تم التشهير بك، ثم قبض عليك أحدهم وأودعك «ملحق بيتهم أو مطبخهم» وأقفل عليك الباب؛ كنوع من تنفيذ السجن في حقك، فقد تثبتت إدانتك لديه، والسؤال كم المدة (يا شيخ!)



ولأن الجهل سيد الموقف دائما، احتفلت شركة مشروبات غازية برسامة اسمها فداء الحصان وكتبت اسمها بالإنجليزي (Fida Alhussan) على العلبة مع صورة لرسمها، فنشر أحدهم أنها (فِداء الحُسين) وشرح لنا بالفيديو بأن معناها طائفي، ولو سأل لعرف أن هناك بونا شاسعا بين فهمه ونوايا الشركة، فهو سيئ في الترجمة والقراءة، وسيئ في الجرأة على الشركة والناس، وموقد للطائفية! (أكررها مرارا حتى أقول ليته ما درس إنجليزي!) وبودي أن أهمس في أذن أخي الكريم، «قوقلها» يا أخي وتعرف معناها!



أخيرا، رواد تويتر يعتدون على سلطتين ويطالبون بالسلطة الثالثة وهي السلطة القضائية حتى يصدروا أحكاما لا تنتظر إلا من خفيف عقل أن ينفذها، ونشر المحامي اللاحم رأيه الشخصي حول هذه الحادثة، وأن السيدة كانت تصور أوراقا خاصة، فطلب منه شخص أن ينشر تلك الأوراق حتى يحكم هو! فالرجل يريد أن يحكم (ماذا تركت للقضاء يا رجل؟)، والسؤال: إن شرعتم أنتم، وحكمتم أنتم، وتهور غيركم ونفذ، فماذا بقي لسلطة الدولة المدنية؟



ويمكنني القول: لا يستدرجنكم تويتر إلى مزالق الشيطان وأنتم لا تعلمون!



@Halemalbaarrak