عبدالله المزهر

لبنان والشاهي

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 22 مايو 2017

Mon - 22 May 2017

كتبت قبل سنوات ـ قد تكون عشرا أو تزيد ـ مقالا أشرح فيه أفضل طريقة لعمل «الشاهي»، وقد كنت في تلك الفترة فيما يبدو أطمح في الدخول إلى عالم الثراء الفاحش من باب المطبخ. وقد نسيت الوصفة بالطبع وتغيرت أخلاق الناس وأصبحوا يسمون الشاهي «الشاي» ولم تعد الأمور كما كانت من قبل.



الذي أذكره من تلك الوصفة وما زلت أعمل به، هو أن يكتفى بنوع واحد من النكهات المضافة للشاهي، إما الحبق أو النعناع أو الميرامية أو أي شيء آخر، لأن وضع أكثر من نوع سيجعل من إبريق الشاهي شيئا أقرب إلى الوضع السياسي في لبنان لأن نكهات كثيرة في طبخة واحدة ستجعلها طبخة سيئة لا نكهة لها. ومع أن أخلاق الشاهي تغيرت ولم أعد مهتما بالطبخ والوصفات لكن لبنان لم يتغير، ما زال مجموعة من العزب الصغيرة التي يحكم كل منها قانون خاص ولا يحكمهم جميعا قانون عام.



ديكتاتوريات صغيرة متناثرة تخدع نفسها برداء الديمقراطية العام، فالرئيس يتغير ورئيس الوزراء كذلك، لكن زعماء الأحزاب لا يتغيرون ولا يذهبون ولا ينتخبون ولا يتركون كراسيهم إلا بتدخل عزرائيل شخصيا. وهذا أمر مألوف في الوطن العربي وما يشابهه من أوطان أخرى في كوكبنا الجميل المسكين. ولكن إلباس هذا الوضع الديكتاتوري رداء الديمقراطية والحريات وبقية الأسطوانة التي نعرفها جميعا يجعل الأمر كوميديا أكثر من كونه واقعا سياسيا.

لبنان أو إبريق الشاهي سيئ النكهة هو الدولة الوحيدة ـ على حد علمي ـ التي يكون لرئيسها موقف سياسي يختلف عن رئيس الوزراء، ووزير الخارجية له موقف ثالث، وكل واحد من أركان الحكومة يسبح في فلك خاص لا علاقة له بالآخر.



وعلى أي حال.. من حسن حظي أني لم أفكر في الدخول إلى عالم الثراء الفاحش من باب السياسة، لأني كنت سأفشل فشلا ذريعا مريعا في التعامل مع دولة مثل لبنان، وسأقف عاجزا في معرفة من هو الذي يجب أن أتفاهم معه أو أفهمه لكي أفهم لبنان وأعرف ماذا يريد مني وماذا يريد لي.