قراءة نفسية لزيارة ترمب

الاحد - 21 مايو 2017

Sun - 21 May 2017

لا شك أن مشاركة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في قمة عربية إسلامية أمريكية؛ لها أبعاد متعددة؛ ولن أتحدث عن الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية حيث إني غير متخصص، وهناك من هو أقدر وأعرف في ربط المتغيرات والخروج بتصورات ونتائج تحليلية.

ولكن في نظري أن البعد النفسي الذي يرتكز على تطبيقات فلسفة الأشياء ومنطقية التفكير وفهم طبيعة النفس الإنسانية وما يرتبط بها من مؤثرات؛ هو الذي تقوم عليه جميع الأبعاد الأخرى وله دلالاته وتأثيراته المباشرة وغير المباشرة على الأطراف ذات العلاقة؛ ولا يمكن إغفاله عند الرغبة في الحصول على تصور منطقي وقراءة واقعية للمشهد.

فعندما يأتي إلى السعودية؛ رئيس دولة توصف بأنها الأقوى في العالم ليناقش مع رؤساء أكثر من ثلاثين دولة عربية وإسلامية موضوع الإرهاب الدولي وتداعياته وما يرتبط به من عوامل ومتغيرات؛ يدل على أن المملكة العربية السعودية قوة مؤثرة في العالم وند رئيس مع قوى عظمى وتتمتع بمقومات وإمكانات في مختلف المجالات ولديها علاقات بينية متينة ومصالح مشتركة مع دول مؤثرة. وأن تغييب دور المملكة وعدم الاستفادة من خبرتها الطويلة والناجحة في التعامل مع قضايا الإرهاب في صوره المتعددة والحرب مع داعش ومكافحة التطرف؛ تؤدي إلى تداعيات سلبية خطيرة وقد حدث ذلك على الأرض؛ من توسع دائرة النفوذ العنصري الإيراني وإتاحة الفرصة لداعش للتمدد وبقاء القتل والتشريد في سوريا وتحولها إلى معمل للتجارب وعقد الصفقات. وتسعى الإدارة الحالية للبيت الأبيض لإعادة العلاقات مع المملكة إلى وضعها السابق بعد ما شابها من غموض وتردد نتيجة تقديرات الإدارة السابقة، والعمل نحو تحقيق التعاون المشترك والاستفادة من خبرات وتجارب ومكانة المملكة لتحقيق الأمن والسلم الدوليين.

ومن المواضيع التي تؤرق العالم وتهدد أمن واستقرار الدول؛ الإرهاب بصوره المختلفة؛ والتطرف العنصري والخداع الديني والمذهبي؛ ولعل الإصرار على القضاء على تلك المظاهر أصبح موجودا أكثر من أي وقت مضى؛ ويظهر ذلك في صفة العزم التي أصبحت ماركة سعودية مسجلة يبحث عنها العالم في عقر دارها ويتمثل ويقتدي بها عندما يدرك عواقب الأمور.

ويبدو أن هناك قناعة بأن الإرهاب له قاعدة أخطبوطية ذات تمدد رأسي وأفقي نحو الداخل وإلى الخارج في كافة الاتجاهات؛ لذا كانت دراسة أوضاع الاقتصاد وواقع الشباب وبناء الإنسان في دول المنطقة ضمن أعمال القمة دليلا واضحا على أهمية العناية بالشباب وتحصينهم الفكري وبناء شخصياتهم بشكل متوازن، فالجهل والفقر وعدم وضوح الهوية واضطراب الدور والخواء المعرفي والفراغ، عوامل تساعد في وجود شخصية ضعيفة لديها قابلية للإيحاء والتأثر والانقياد السريع. ويؤكد علماء النفس على أن التوازن في تحقيق الحاجات النمائية ورعاية النمو السليم يعمل على تكوين شخصية إيجابية متينة؛ لا يمكن التأثير عليها بسهولة، الأمر الذي لا يجد معه الإرهاب البيئة المناسبة لتنفيذ أجندته على أرض الواقع ولن يجد الدعم من الداخل في تحقيق ما يصبو إليه من أهداف.

ويلاحظ أن في حجم وتوقيت القمة وموقع جغرافية الدول المشاركة وتطورات الأحداث وقراءة تاريخية لها؛ مؤشر قوي بأن النهاية باتت وشيكة، وأن مسلسل دراما الإثارة العالمي الإيراني في حلقاته الأخيرة؛ خصوصا بعد محاولات المخرج الهروب وظهور عدم كفاءة المصورين وفشل البطل الورقي في الاستمرار في التمثيل أمام عواصف الحزم والعزم على كشف الحقيقة وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح بالشكل الذي لا يسمح للمنتج بإعادة البحث عن عمل جديد حتى لو استخدم التقية أو الكذب في ذلك.

وقفة: الوطن في حاجة أن يكون الجميع بمختلف مشاربهم كالبنيان المرصوص في تكوين جبهة داخلية لمواجهة كل من يسيء للوطن الذي يجمع الجميع.