ساحرة الرياض

السبت - 20 مايو 2017

Sat - 20 May 2017

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية مقطع فيديو يزعم أن امرأة تقوم بتصوير بعض الأوراق الخاصة بالأعمال السحرية في مدينة الرياض، ولا شك أن السحر أمره عظيم وخطره جسيم وآفة منتشرة في المجتمع، وبعيدا عن حيثيات الحادثة فإن التعاطي مع مقطع «ساحرة الرياض» كما سمي في مواقع التواصل الاجتماعي يدل على غياب الثقافة العدلية والشرعية والقانونية لدى المجتمع، فمنذ أن انتشر المقطع قامت الدنيا ولم تقعد، بين ساب وشاتم وبين مطالب بحد الحرابة والطرد من البلد وغيرها من العقوبات.

والغريب أن بعض القانونيين سلك اتجاه (العوام) في التعاطي مع القضية دون تأكد أو تثبت من حقيقة الخبر، فمن المعروف أن الأصل براءة الذمة وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فالوقائع لا يحكم عليها من النظرة الأولى، بل لا بد من البحث والفحص للواقعة؛ وذلك لأننا لا نعلم حيثيات القضية، فقد يكون هنالك من الأسباب ما نجهلها ولا نعلم بها، فكم من قضية تعامل معها المجتمع على أنها واضحة بينة ثم يتضح خلاف ذلك، ولعل قضية هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي وقعت بشارع الخليل بالمدينة المنورة خير دليل على ذلك؛ لأن التثبت من الوقائع دليل على رجاحة العقل وسلامة التفكير، أما العجلة فدليل على نقص في العقل وخلل في التفكير.

وكذلك من الغرابة بمكان مسألة تصوير المرأة، فقد حصل فيه كثير من المخالفات الشرعية والنظامية، حيث إن ما قام به المصور من تصوير للمرأة يعد من قبيل التشهير الصريح الذي حرمته الشريعة والنظام، وما بالك إذا كانت امرأة لها الخصوصية في الدين والمجتمع، فقد جعل المنظم السعودي التشهير من الجرائم المعلوماتية والتي تصل غرامتها إلى 500 ألف ريال وبالسجن لمدة عام. فقد تم تصويرها بطريقة بشعة لا تتوافق مع الدين الحنيف، ولا مع أي مبدأ من مبادئ الإنسانية والأخلاق الحميدة، فقد ظهرت في حالة يرثى لها، وذلك باسترحامها وترجيها للمصور بالكف عن أذيتها، فلو قام المصور بتصويرها وسلم الفيديو للجهات المختصة لكان أولى، فالغاية لا تبرر الوسيلة، ناهيك عن التهديد الذي وقع في المقطع، وطريقة التعامل مع الموقف، والذي ظهر فيها المصور وكأنه رجل ضبط جنائي، مع العلم أنه لو قام بتسليم المقطع للجهات المعنية دون نشره فإنه لا يتعدى أن يكون قرينة، ولا يصلح أن يكون دليلا بذاته للاستناد عليه.

لذلك فإن التعاطي مع مثل هذه المواقف لا يتم عبر التشهير، فالخطأ لا يعالج بخطأ مثله، بل يعالج بما أقره الشرع والنظام، وذلك لأن الخطأ الذي قام به المصور تعدى إلى ما هو أعظم من خطأ المرأة، - إن كان موجودا - فقد وصل الضرر إلى ذويها وأهلها ولكل من يجمعه علاقة بها، مما قد يجعلها منبوذة في المجتمع القريب والبعيد. ولعل من أسباب انتشار مثل هذه المواقف، عدم تعامل بعض الجهات المعنية مع البلاغات بجدية، والذي أدى إلى وجود مثل هذه الحالات، مما ساهم في انتشار جريمة التشهير، لذا آمل من الجهات المعنية التعامل بجدية مع كل بلاغ يرد إليهم، ومعاقبة كل من قام ببلاغ خاطئ أو كيدي، حتى يستقيم الوضع.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال