عندما سافر كل السعوديين إلى أمريكا

السبت - 20 مايو 2017

Sat - 20 May 2017

u0639u0646u062fu0645u0627 u0633u0627u0641u0631 u0643u0644 u0627u0644u0633u0639u0648u062fu064au064au0646  u0627u0655u0644u0649 u0627u0654u0645u0631u064au0643u0627
عندما سافر كل السعوديين إلى أمريكا
مثل أغلب السعوديين، لم نكن نعرف الكثير عن "أمريكا" حتى جاء عام 1994، حينها منحتنا كرة القدم فرصة اكتشاف أن هناك جانبا آخر من العالم، وأن الشمس عندما تغادرنا فإنها تشرق في أرض بعيدة، وأن كرة القدم استنساخ فيزيائي من كروية الأرض، وأن لدينا فرصة أن نزور هذا المكان عن قرب بينما نتابع منتخبنا السعودي.



يتذكر الأطفال حينها الذين تخطوا حاجز الـ30 حاليا الشباب في ذاك الوقت والذين صاروا آباء أو أجدادا اليوم، بأنه وربما للمرة الأولى يمتد بث القناة السعودية الأولى إلى بعد منتصف الليل، وأن ذاكرة مشتركة نشأت بين أجيال كان يصعب العثور على نقاط توافق بينها، وأنه وبشكل استثنائي صار السهر اتفاقا عائليا وفكرة مقبولة من أجل متابعة مباريات المنتخب السعودي في وصوله الأول إلى كأس العالم.



في العاصمة واشنطن التي تبعد عن العاصمة الرياض 10849 كلم، وعلى ملعب روبرت فرانسيس، وبحضور 50 ألف متفرج، كانت مباراة المنتخب السعودي والهولندي في افتتاح مشوار البطولة. الدقيقة 18 من المباراة سجلت حضور أول هدف سعودي عالمي برأسية اللاعب فؤاد أنور، الهدف الذي تسبب في بهجة جماعية استمرت 15 دقيقة، عمر طويل من الفرح حتى جاء هدف التعادل للمنتخب الهولندي. كان التعادل حينها فكرة جيدة تقريبا، إلا أنه قبل نهاية المباراة بخمس دقائق سجل المنتخب الهولندي هدف الفوز ولا يمكن تخطي غصة تلك الهزيمة من ذاكرة السعوديين.



تستمر ذاكرة المرة الأولى بالاتساع، على ملعب نيوجيروي كانت المرة الأولى التي يلتقي فيها منتخبان عربيان في كأس العالم؛ السعودية والمغرب، بحضور 76 ألف مشجع، وعدد لا يمكن إحصاؤه من المتابعين خلف الشاشة وعبر الراديو - منصتي الإعلام الوحيدتين آنذاك - وبعد وقت قصير من الانتظار جاء هدف المنتخب السعودي الأول عند الدقيقة السابعة عن طريق اللاعب سامي الجابر.



عمر الفرحة هذه المرة امتد 29 دقيقة حتى جاء هدف التعادل لمنتخب المغرب، ولكن بعد 9 دقائق، وقبل نهاية الشوط الأول، سجل اللاعب فؤاد أنور الهدف الثاني واحتفل معه كل السعوديين طوال وقت المباراة، وكبر هذا الإنجاز بنهاية المباراة وتسجيل أول فوز سعودي في كأس العالم، وحصد أثمن ثلاث نقاط في تاريخ الكرة السعودية.



لا يمكن استمرار حدوث المرة الأولى، لأن المرة الثانية تنتظر دورها، وهذا ما حدث عندما حانت المباراة الثالثة والأخيرة في الدور الأول بين السعودية وبلجيكا، والتي أقيمت على استاد روبرت فرانسيس بواشنطن للمرة الثانية بعد مباراة الافتتاح أمام هولندا بحضور 52 ألف مشجع.



ثقافة "الخمس دقائق" المراوغة والمستخدمة من أغلب السعوديين يمكن اكتشاف أن مصدرها هذه المباراة، ذلك أنه عند الدقيقة الخامسة سجل اللاعب سعيد العويران واحدا من أجمل الأهداف في تاريخ لعبة كرة القدم على الإطلاق.

الهدف الذي وصف بأنه على طريقة الأسطورة الأرجنتينية مارادونا، والذي نقل المنتخب السعودي إلى دور الـ16 للمرة الأولى، يبقى من أهم ما يمكن لكل سعودي أن يعده إنجازه الخاص الذي حققه في أمريكا.



المنتخب السعودي كان أول منتخب آسيوي يصل إلى الدور الثاني، وعلى استاد كوتن بول في مدينة دالاس مركز النفط وصناعات القطن الموشومة بأن طقسها صحراوي، وبحضور 60 ألف متفرج أقيمت مباراة المنتخب السعودي ضد السويد.



عند الدقيقة السادسة حقق المنتخب السويدي الهدف الأول، عند الدقيقة السادسة من الشوط الثاني حقق المنتخب السويدي هدفه الثاني، وعندما بدأ وكأنه يستحيل العثور على شيء مبهج قبل الوداع حدث العكس، خذل اللاعب فهد الغشيان كل الظنون السيئة وسجل هدف المنتخب السعودي الوحيد قبل نهاية المباراة بخمس دقائق، الهدف الجميل والمدهش رفع من سقف التوقعات والأمل لكن وقبل نهاية المباراة بدقيقتين سجل المنتخب السويدي الهدف الثالث، ونهاية مشوار الحلم السعودي بطريقة نالت تقدير العالم وإعجابه.



اليوم، بعد 23 سنة من أول مرة يسافر فيها السعوديون إلى أمريكا، نستقبل الأمريكيين وهم يسافرون جميعا إلينا خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يومي 20-21 مايو إلى السعودية.