حنان المرحبي

التغيير والإنسان

الجمعة - 19 مايو 2017

Fri - 19 May 2017

شهدت السنوات القليلة الماضية تغييرات كبيرة وسريعة شملت معظم المؤسسات والمنشآت بالمملكة، بعضها لامس المفاهيم والاستراتيجيات، والبعض الآخر كان على مستوى الممارسات - إعادة هيكلة المؤسسات أو تغيير الأنظمة وطرق تأدية المهام فيها.

ونموذج التغيير الأكبر تمثل في رؤية المملكة 2030 الذي سعت من خلاله الحكومة إلى إحداث نقلة تنموية واسعة، ليس بتغيير مكتب أو مؤسسة أو سياسات داخلية وخارجية، ولكن بإحداث تحولات اجتماعية واقتصادية وتعليمية وطنية شاملة، وأيضا بتغيير موقع المملكة في خارطة العالم المتغير والمنافس.

حينما تتباطأ أو تفشل جهود التغيير، تلجأ بعض الجهات إلى تغيير الرؤساء أو البرامج أو الرضوخ لمطالب الفئات المقاومة والانحراف عن الخطط.

تؤكد البروفيسور Sally Blount وShana Carroll أن أهم عامل في نجاح التغيير هو الإنسان. هناك حاجة لفهم الأسباب التي تجعل الإنسان يتخذ مواقف متحيزة ضد التغيير الإيجابي وبشكل عميق.

بحسب رأي الخبيرتين، يوجد ثلاث فئات من الناس المقاومة للتغيير. الفئة الأولى تكون غير مقتنعة بطريقة بناء الخطط الجديدة وتعتقد أن لديها معرفة وخبرة من الممكن أن تحدث أثرا أفضل ولكن لم يتم أخذهما في الحسبان عند وضع الخطط. وما يجب فعله مع هذه الفئة هو الاستماع لها وأخذ وجهات النظر الجيدة في الاعتبار والانفتاح والاستعداد لتغيير الخطط بحسب المعرفة المتحصلة منهم.

العامل الثاني لمقاومة التغيير يتمثل في حاجة الإنسان للاحترام، وتظهر تلك الحاجة بشكل أوضح لدى فئة الموظفين القدامى أو الذين كانت لهم مكانة مؤثرة ويعتقدون أنهم لا يزالون أصحاب تأثير بالمكان، فإن لم تستشرهم الخطط الجديدة فسيفترضون أنها ناقصة وتعاني من مشكلات. السبيل إلى هؤلاء يكون بالاستماع لهم واحترام آرائهم وعدم تجاهلها بالخطط.

السبب الثالث يعود إلى شعور الموظفين بأن التغيير أسرع من قدرتهم على فهم ما يحدث حولهم والاتجاه الذي يأخذهم إليه أو إحساسهم بأنه أكبر من طاقتهم لتحمل الضغوط النفسية الناشئة عنه. الحل هنا يكون بالبحث عن طريقة تخفف الضغوط بتمديد الخطط ومواعيد إنجاز المهام التي يمكن تأجيلها.

جميع الحلول المذكورة بالأعلى لم تنصح قائد التغيير بالكلام أو محاولة إقناع الطرف الآخر بعظمة الخطط الجديدة وتفوقها، ولكنها قامت على مبدأ مهم، وهو الاستماع للآخر بتفهم واحترام، ولو بدت آراؤه متحيزة أو غير منطقية. فلكي يستوعب الآخر يريد أولا أن يشعر بأن كلامه مسموع وأنه لا يفهم خطأ، بل يحترم ويؤخذ في الاعتبار ولو جزئيا. وقادة التغيير بحاجة إلى أن يدركوا أن نجاح تنفيذ الخطط يبدأ من نجاح تغيير مفاهيم الناس حولها أولا وعدم استثارة المواقف المضادة.

مهما عظمت الخطط وتفوقت، بدون إيمان الناس بها ومشاركتهم لن تتحول إلى واقع. وأبسط شيء يحتاج إليه الإنسان وبخاصة في فترة التغيير هو أن يشعر بأنه جزء مهم، ويكون ذلك بالاستماع والاحترام والقرب منه. هذه الخطوة قد تحدث تحولا في قناعاته لصالح التغيير ومن دون أن تحقق أيا من مطالبه، لإيمانه وثقته فيك، سيقبل كل عذر منك.

hanan_almarhabi@

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال