ساعة لعبي وساعة كتابي

الثلاثاء - 16 مايو 2017

Tue - 16 May 2017

في الفترة الأخيرة أصبحنا أكثر تفاعلا مع الأحداث الطارئة، إذ ساعد التواصل الاجتماعي في تضخيم الأمور بعدسته السريعة والقريبة، فما إن يجد جديد، إلا وترى الأفراد يتسابقون لنقله والنجوم يتنافسون لنشره، ثم يبدأ الجميع بالخوض فيه لتسجيل موقف. وكالعادة يتمايز المجتمع إلى طرفين، وبينهما طيف من الآراء وسيل من التعليقات. وبالرغم من أنها ظاهرة قد تعد صحية إلا أنها لا تخلو من إمكانية تحولها إلى تجمهر افتراضي وحشدية (كثيرا ما تدعي المثالية)، وتوافق يتطور لقمع الرأي المخالف من جهة ويشكل ضغطا مربكا على بعض مراكز القرار من جهة أخرى. وهنا تختلف الآراء في جدواها أو مدى اعتبارها ظاهرة صحية أولا.

الحدث الأخير الذي أشغل الرأي العام هو منظر طلاب ابتدائية يمزقون كتبهم بشكل اعتبره البعض عبثيا وغير حضاري، ومخلا بالذوق. وهو أمر نتجت عنه قرارات إدارية، ومطالبات بمراجعة سياسات التعليم. مرة أخرى، يجني التواصل الاجتماعي (بمثاليته) على أشخاص أو أحداث (قد نراها) طبيعية في ظل الظرف الحالي لها. فهؤلاء أطفال، انتهوا للتو من عامهم الدراسي وهم في قمة فرحهم وتوديعهم للدراسة التي يعتبرونها «قفصا» تحرروا منه، عدا كون الحدث خارج المدرسة، وانحسار «عبثهم» في تمزيق الأوراق، ومن قبل كانت تحدث، ولكن في غياب الوسائل الحديثة.

لماذا تذكرت مهرجان الطماطم في إسبانيا، والبرتقال في بولندا، والألوان في الهند، والماء في تايلاند وكيف يتراشق الناس بها، بشكل فوضوي ومظهر عبثي. ناهيك عن احتفالات الثيران والأبقار، حين تنـفلت في الطرقات، وتبدأ في نطح من تراه. كلها احتفالات رسمية اجتماعية أو ثقافية لم ينتج عنها مطالب بمراجعة سياسات التعليم ولا إنهاء خدمات مسؤول.

الآن نسأل أين هيئة الترفيه؟ بل وما هي هيئة الترفيه؟ هل هي جهة استثمارية، بحكم طبيعة قياداتها القادمين من خلفية مصرفية استثمارية، أم هي جهة ثقافية تنسيقية للأنشطة التي نتوقع أن تكثف خلال فترة الصيف، أم هي كما عبر عنها من قريب ضيفها الدكتور ديباك شوبرا بكل عفوية بقوله «سلطة الترفيه» وهي الترجمة الحرفية لجملته. بغض النظر عن رأي الأشخاص فيها، يصعب عليها التصدي لتبرير كل ما تفعل. إذ ربما يكون الحل هو إحالة التدقيق في برامجها لوزارة الثقافة.

هذه الأسئلة تقدمت إلى الواجهة كون الهيئة هي الجهة التي يتوقع منها أن تتسلم الشباب من التربية خلال الأشهر القادمة، لتملأ الفجوة الزمنية الممتدة لثلث العام. وقد لا أجدها مصادفة أن يتمثل هذا الحيز بين التربية والترفيه، في بيت الشعر الذي تعلمناه باكرا في المدرسة: ساعة لعبي وساعة كتابي.. فهل نرى يوما مهرجان تقطيع الكتب؟