القوة السهلة

الاثنين - 15 مايو 2017

Mon - 15 May 2017

إن الإنسان بطبيعته يسعى للقوة، ويبحث عنها لإرضاء ذاته، وليكسب الاحترام والتقدير. هناك من يكسب الاحترام بالمال، إلا أن هذا الاحترام في كثير من الأحيان يكون زائفا أو لمصلحة مادية. أما النوع الآخر من القوة فهو القوة المكتسبة بالجاه والمنصب، ولكن هذه المكانة الاجتماعية تكون موقتة وغالبا ما تكون سببا للحسد والغيرة.

إن هذه المصادر للقوة تتطلب جهدا كبيرا، وربما لا يحققه إلا القليل، ولكن هناك مصدرا واحدا للقوة يتغافل عنه الكثير رغم سهولته ومدى تأثيره، فهو القوة التي لا تسبب عداوات، ولا تؤذي البشر، وتريح الأعصاب، وتجنب الأمراض، بل إنها من الحسنات التي أوصى بها ديننا الحنيف؛ إنني أتحدث عن الابتسامة.

لقد أكدت دراسات حديثة على أن النجاح العملي والترابط الاجتماعي وسلامة البدن لها علاقة طردية بالابتسامة، كما أن للابتسامة سحرا فعالا، فالمبتسم يلقى قبولا كبيرا بين الناس، ويكسبه الاحترام والتقدير الذي يبحث عنه معظم من يبحثون عن القوة. لن أتحدث عن كل مزايا هذه القوة الخارقة والسهلة، ولكن أحببت أن أعرج على بعضها لتبيان سحرها وقوتها. شخصيا: كنت أعتقد أن الابتسامة هي نتيجة للرضا والسعادة، وهذا معتقد صحيح جزئيا، لأن العكس صحيح كذلك، فالمبتسم، ولو تصنع الابتسامة، سيشعر بالسعادة والرضا تدريجيا. ولقد اهتم العلماء بالابتسامة ودورها، فلقد قام أحد الباحثين الاجتماعيين بدراسة الابتسامة، ووجد أنه يصعب على الإنسان أن يعبس أمام شخص مبتسم، فالابتسامة شعور معد. ولاحظ كذلك أن عدد الابتسامات لدى الكبار تتراوح ما بين 20 إلى 25 ابتسامة يوميا، بينما يبتسم الصغار أكثر من 400 مرة في اليوم. وهنا يأتي السؤال، لماذا قل عدد ابتساماتنا؟

يعتقد الكثيرون أن المبتسم لا يعاني من الهموم وخاليا من المشاكل، بل يعتقدون أنه أكثر من ذلك، فالابتسامة في نظرهم مرتبطة بالمال والصحة، وذلك اعتقاد لا تؤيده أية دراسة، لأنها حالة معنوية ليست لها علاقة بالمادة والصحة، ولكن علاقتها بعمق القناعة وقوة الإيمان.

وهنا يأتي السؤال المهم، إن كانت الابتسامة سببا في كسب حب الناس واحترامهم، وهي سبب في إرضاء الذات، وفوق هذا كله هي حسنة واقتداء برسولنا صلى الله عليه وسلم الذي لم تفارقه الابتسامة، فلماذا تغيب البسمة عن وجوهنا؟

قفلة:

لنتفق أن الابتسامة خيار وليست نتيجة، فلنختر ما فطرنا على فعله 400 مرة في اليوم.