شاهر النهاري

رئيس مختلف عصري شاعري جديد

الاحد - 14 مايو 2017

Sun - 14 May 2017

بعد المقلب العظيم، الذي منيت به السياسة الأمريكية بانتخاب باراك أوباما، كرئيس كان في بداياته عصريا، مختلفا، شاعريا، متحدثا، جاء الدور على فرنسا، حيث كسب السباق إلى قصر الإليزيه فيها الشاب المختلف الشاعري الجاذب للشباب، إيمانويل ماكرون، والذي يستشهد بأقوال الفلاسفة والشعراء، ويقول عن نفسه إنه: محارب، مقاتل، وليس رجل ندم وأسف.



ذلك الشاب البالغ من العمر أقل من 39 سنة بأشهر، يعد أصغر رئيس لفرنسا منذ إمبراطورها نابليون بونابرت، والذي ظل الأصغر سنا بين رؤسائها طوال 169 سنة حتى يوم فوز ماكرون.



وكان الرئيس الجديد يشغل منصب وزير الاقتصاد في إحدى حكومات الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند، وهو ناشط حقوقي، وقائد حركة (إلى الأمام) التي أنشأها قبل عام على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحتوي على 4 آلاف شاب وشابة، سماهم بـ»السائرين»، حيث ساروا في شوارع القرى والمدن، وأجروا مئة ألف مقابلة مع المواطنين.



وقد زاد من انجذاب الناخب الفرنسي لهذا الرئيس المختلف قصة حبه وإخلاصه المستغربة لمعلمته (برجيت ترونيو)، والتي وقع في غرامها بسن 16 سنة، وهي تكبره بفارق عشرين سنة، فأصبحت زوجته، وخير داعم لحياته، ولحملته الانتخابية بجهودها مع ابنتيها (لورانس، وتيفان)، وابنها (سباستيان)، من زواجها السابق.



ويقدم ماكرون نفسه على أنه متحرر من الأحزاب، رغم أن عددا ضخما من شخصيات الأحزاب البارزة كانوا يدعمونه علنا، وكان الرئيس السابق هولاند يدعمه سرا.



وقد عمل ماكرون على إرضاء جميع الأطياف الخارجية، وخصوصا دول أوروبا، والأطياف الداخلية بما في ذلك الطيف الإسلامي، والذي تواجهه عدة معضلات حقوقية بعد العمليات الإرهابية، التي هزت فرنسا عدة مرات.



ولكن صوت العقل يؤكد أن الحكومات البرلمانية لا تدار بالأماني، بل بالعمل الديمقراطي المشترك اللامركزي.



الحكومة الأمريكية رحبت بانتخابه، وأعلن الرئيس ترمب أنه «يتطلع إلى العمل معه»، كما أشاد عدد من المسؤولين الجمهوريين والديمقراطيين الأمريكيين بفوزه واعتبروه «هزيمة للعنصرية ولكراهية الأجانب».



دول أوروبا بادرت بالترحيب بفوز ماكرون بالرئاسة، باعتباره من المؤمنين ببقائها كتلة واحدة موحدة.



في روسيا دعاه الرئيس بوتين إلى تجاوز عدم الثقة المتبادل، وبناء علاقات جديدة.



خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أرسل له تهنئة بالفوز، مع أمنيات باستمرار العلاقة المحترمة بين الدولتين.



أغلب قادة الدول الخليجية والعربية هنؤوه بفوزه، معبرين عن استعدادهم لتعزيز وتطوير علاقاتهم بفرنسا بشكل أكبر في المرحلة القادمة.



حكومة لبنان، وبطبيعة علاقاتها المتجذرة مع الدولة الفرنسية تضع كل آمالها في الفترة الرئاسية القادمة لإعادة التجمع النيابي اللبناني، وعودة العمل الحكومي لسابق عهده، والذي ظل متعثرا يهدد استقرار الدولة اللبنانية طوال الثلاث السنوات الماضية.



وحسبما أراه فإن فرنسا تمر بمرحلة أمنية داخلية حرجة، وأن قيمتها الخارجية أصبحت على المحك، خصوصا مع مغبة معضلات الشرق الأوسط، ولن أعول كثيرا على شاعرية واختلاف الرئيس، باعتبار أن أرض الواقع ليست كما على مواقع التواصل.



ومن الجلي أن المنصب الرئاسي يعكس وزن واستقرار الدولة الفرنسية، ولكنا لا ندري هل سيحقق ماكرون المعادلة الصعبة بتمازج الظاهر مع الداخل، وهل سيجنب من انتخبوه الندم، حال ابتعاده عن الواقع، ونزوعه للخيالات الشاعرية، والسلبية.



Shaheralnahari@