محمد حطحوط

ساعة مع المدير التنفيذي لبورش

الاحد - 14 مايو 2017

Sun - 14 May 2017

رحلة مليئة بالإثارة من لحظتها الأولى، وذلك عند الوقوف أمام كاونتر الخطوط الإماراتية في مطار الملك خالد بالرياض، تلبية لدعوة كريمة من القائد الأعلى لشرطة دبي، حيث قال الموظف بلغة حزينة: نعتذر لك.. حجزك على درجة الأعمال، ولكن هناك عدد من المسافرين أكبر من عدد المقاعد، ولذلك سنقوم بإنزالك للدرجة السياحية فقط لرحلة الرياض دبي، وعند العودة ستكون تذكرتك على درجة الأعمال، وكاعتذار عن الخلل، سنعطيك تذكرة مجانية لمدة سنة على درجة رجال الأعمال ذهابا وعودة من الرياض إلى دبي! قلت للرجل: لا مانع لدي، المهم عندي أن لا يحدث معي ما حدث مع الأمريكي وخطوط اليونايتد عندما كسروا أسنانه وشجوا وجهه وأنزلوه رغما عنه! انفجر الموظف ضاحكا، وأخذت التذكرة واتجهت للطائرة.



عانقت البوينج سحب العاصمة، وكان المقعد على النافذة، والمقعدان اللذان بجواري فارغين، عندها أتى رجل خمسيني يبدو من لكنته الإنجليزية أنه أوروبي، واستأذن في الجلوس بجانبي، فرحبت به مباشرة. سألني الرجل إلى أين؟ فأجبت: لإلقاء ورقة عمل في حفل التميز لشرطة دبي، حيث تشرفت أن أكون ضيف الشرف لحفلهم لهذا العام. وعندما سألته ذات السؤال أجاب أنه يخوض اجتماعات لقرار استراتيجي ستقوم به الشركة قريبا، وعرفت لاحقا من كرته الشخصي أنه المدير التنفيذي لسيارات بورش الألمانية الشهيرة.



هنا اشتعل الحس الصحفي: ما الذي أتى بك في الدرجة السياحية إذن وأنت مدير بورش؟! فأجاب: لدى شركة بورش سياسة مكتوبة للموظفين، السفر لأقل من ثلاث ساعات درجة سياحية، والسفر لأطول من ثلاث ساعات درجة رجال الأعمال. ويضيف: الشركة تمنح موظفيها الكبار (مثل صاحبنا) السفر في رجال الأعمال بغض النظر عن طول وقصر الرحلة. بل تعطيني الشركة الخيار على الدرجة الأولى، والتي لم أستخدمها مطلقا ولن أستخدمها! والسبب أنه توفير على الشركة على المدى البعيد، ولا شيء يؤثر في سلوك موظفيك مثل القيادة بالقدوة.



سألته بعدها عن مستقبل بورش في عصر سيارات قوقل ذاتية القيادة! فأجاب: لدى بورش اليوم ألف شاب ليس لديهم أي علاقة بالجانب الهندسي بالشركة، وإنما لديهم رسالة واحدة، وهي الإبداع والاختراع واستشراف المستقبل. هؤلاء الألف شاب موزعون بين السيليكون فالي في سان فرانسيسكو وهونج كونج وبرلين للبحث عن كيف يتم نقل تجربة جهازك الذكي للسيارة. نحن في بورش لا نبيع مجرد سيارة، نحن نبيع نمط حياة.



الشيء المهم الذي لفت الانتباه، أثناء النقاش كنت أستشهد ببعض الكتب في التسويق والإدارة، وكان في كل مرة يوقفني، ويفتح الملاحظات في جواله ثم يدون الكتاب والمؤلف! أبهرني حبه المستمر للتعلم والتطوير، مع الأخذ بالحسبان فرق السن والخبرة لصالحه.



افترقنا في دبي، ووعدني أن يزورني عند عودته للرياض، وفي الطريق لحفل شرطة دبي، ما زالت كلماته ترن في الأذن (القيادة بالقدوة)، قطع حبل الأفكار عند وصولنا لمقر القيادة العامة، صورة ضخمة جدا لوجه (موجي) مبتسم تزين المبنى العام وتضيف دفئا لمكان عسكري جاف، وهناك في ضيافة القائد الأعلى لشرطة دبي قصة حكاية جديدة من الإبداع تستحق أن تروى يوما.



mhathut@