أحمد الهلالي

المنطق الأعوج!

السبت - 13 مايو 2017

Sat - 13 May 2017

قديما حين تحكي أن الشرطة ألقت القبض على لص يسرق، تسمع عبارات الثناء والدعاء بتمكين رجال الأمن في صيانة أمننا، أما اليوم فقد اختلف المنطق، فستسمع ما سبق من العقلاء، لكن ستسمع مبررات مختلفة تماما، مثل قول أحدهم: تاركين الفاسدين يملؤون البلد وجاءت على هذا المسكين، وآخر يقول: ليعالجوا البطالة التي جعلت الناس يسرقون، وربما تسمع ثالثا يتحدث عن غلاء الأسعار.



ولا غرابة أن تقرأ عبارات المتعاطفين مع المقبوض عليهم في قضايا التحريض، إلى درجة أن تجد من يضع صورة المقبوض عليه (البريء في نظره) وصورة (بريء حقيقي) كل ذنبه أن أفكاره لا توافق أفكار المتعاطف، ثم يكتب عبارة: من أولى بالسجن؟



ولا غرابة أن تقرأ عبارات ضد المشاريع والمبادرات الحكومية والخاصة، تتهكم بالمشاريع، يظنون أن حلول التنمية كلها في اتجاه تفكيرهم وحاجتهم هم (فقط).. فعلى سبيل المثال حين أعلن عن مشروع (القدية) الترفيهي، انتشرت اعتراضات الكثيرين بأن الإسكان أولى، وكأن كل مشاريع البلد يجب أن تقف ليتحرك ملف الإسكان وحده، في نظرة تختزل كل شيء في حدود حاجة الكاتب لا غير.



ثم لا عجب أن تجد اليوم من يتهم ويحاكم رؤية 2030 ويراها غير مجدية ولم تقدم حلولا آنية لما يفكر فيه هو فقط، وقد اختزل 14 عاما في رؤية آنية رتب عليها أحكامه، ولم ينتظر حتى إلى 2020 على الأقل.



هذه أمثلة فقط يسيرها المنطق الأعوج، ليس على مستوى الانفعاليين سريعي التأثر، بل على مستويات تتوسم في أصحابها الرزانة والتفكير المنطقي، والأدهى أن بعضهم ينجرف بخفة العهن المنفوش وراء دعاوى أصوات ومعرفات سوداء من الخارج والداخل، اشتهرت بحرصها على التأليب واتهام كل بارقة تؤسس لنور وطني جديد، يعود ريعه على المجتمع ولو بعد حين.



لنتمهل، ونعمل العقل فيما نسمع ونقرأ، ولنقلب الفكرة على كل وجه ممكن، فالحق دائما رهن التمحيص، وإعادة النظر تلو النظر، حتى إذا تبين الإنسان صحة ما يظنه الحق، أدلى بدلوه دون ضرر بإنسان ولا مجتمع.