أسامة يماني

كيف تصبح مشهورا

السبت - 13 مايو 2017

Sat - 13 May 2017

في عالمنا هناك ثلاث طرق رئيسية تمكن من يرغب في الشهرة ليصبح مشهورا، وليس من ضمنها النبوغ المعرفي أو الثقافي، فعالم الفيزياء أو الكيمياء أو الرياضيات لن يجد طريقا للشهرة من خلال علمه وتميزه، حيث إن المشاهد والملاحظ في كوكبنا طغيان الشكل عن الموضوع، ومن جهة أخرى طغيان الثقافة الذكورية التي تهتم بنوع الجنس أكثر من الاهتمام بمقدار المعرفة والعلم والثقافة، حيث لا حظ للأنثى أمام هذه الثقافة الذكورية التي تشيد بالرجولة وتنتقص من الأنوثة. ولكي تحقق المرأة الشهرة فالمطلوب ليس العلم ولا المعرفة أو الإبداع وإنما أمور أخرى بعيدة عن العلم والمعرفة في أغلب الأحيان.



ولأن الشهرة في عالمنا تعتمد على الشكل وليس على الموضوع، وعلى الانطباع وليس على التحليل والتدقيق، لهذا لن يحصل عالم الرياضيات أو الفيزياء على الشهرة، لأن هذه الفئة ومن في حكمهم لا يعطون أي اهتمام حقيقي للأطفال في المدارس، ولا يحصلون على التغطية الإعلامية مما يجعل الجمهور لا يهتم أو يعتني بهذه الفئة من البشر. فكلما ابتعد الموضوع عن التفكير واقترب من التسطيح والسطحية أصبح محلا للاهتمام.



الموضوعية والعقلانية ليستا بالضرورة عاملا مهما في كثير من مواضيع الشهرة، بل في بعض الأحيان عدم الموضوعية يساهم في كسب الشهرة. ونظرة سريعة على العديد من مشاهير تويتر سيصمد هذا التحليل، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالمواضيع الاجتماعية أو الرياضية.



الطريقة الأولى ليصبح الشخص مشهورا في عالمنا أن يسمع الناس ما يحبون سماعه، أو أن يصدمهم بآرائه وأفكاره والمواضيع التي يتطرق إليها، فبمقدار ما يطلبه المستمعون يكون مسموعا.



الطريقة الثانية للشهرة اختلاق المعارك والخلافات وانتقاد أداء الموظف العام بالحق أو الباطل، المهم استغلال عدم الرضا المجتمعي بسبب ضعف أداء قطاع الإدارات العامة.



الطريقة الثالثة للحصول على الشهرة نستطيع شرحها وتوضيحها من خلال المثل المعروف «خالف تعرف»، سواء كانت هذه المخالفة في الملابس أو الثياب أو حتى في الألوان، أو في طريقة الكلام والحركات وغير ذلك من تصرفات مخالفة للمألوف، ومخالفة الجمهور تحقق لراغب الشهرة وسيلة سريعة لجلب انتباهه.



إن هذا الأمر مؤشر على ضعف نظام التعليم والتربية المنزلية، وما تعانيه الثقافة المجتمعية من مشاكل مفصلية سهلت للأفكار البالية أن تعيش فيها، وأن تكون تربة خصبة تنمو وتترعرع فيها المفاهيم القبلية والعنصرية والطائفية. في ظل هذا المناخ والبيئة المحاربة للإبداع الحقيقي يحارب إبداع الطفل منذ نعومة أظافره بمنظومة من المحرمات التي ما أنزل الله بها من سلطان، فالرسم حرام، والفن حرام سواء غناء أو موسيقى، واللعب مضيعة للوقت، والفضول عيب، والسؤال عيب أو حرام أو مستنكر، والنقاش ممنوع، والتعليم بالتلقين هو الأساس. يصادر عقل الطفل منذ الصغر ويتلاشى إبداعه وتظل الرغبة في الشهرة فلا سبيل لها إلا بما سبق بيانه من آليات للوصول إليها.



osamayamani@