عبدالغني القش

وزارة الصحة.. ومراجعة العلاج بأجر!

الجمعة - 12 مايو 2017

Fri - 12 May 2017

لا ينكر ما تقوم به حكومتنا الرشيدة من جهود جبارة في سبيل توفير كافة سبل الراحة للمواطن والمقيم على أرضها، بل وتعدت خيراتها فعمت العالم أجمع، وتجدها حاضرة في كل الأوقات في الرخاء والأزمات، تهب للنجدة وتعين المحتاج، وتغيث الملهوف وتعين على النوائب، في مشهد يمثل مصدر عزة وافتخار.

والمقيم إنما أتى لهذه البلاد بشكل نظامي ومن خلال قنواتها الرسمية وإجراءاتها النظامية، وحينئذ يحل في ربوعها ويعمل على أرضها، ويعيش على ترابها الطاهر، وبالتالي هو يمثل عنصرا من عناصرها فيدخل في تعدادها كمقيم له حقوق وعليه واجبات.



لكن الملفت للنظر هو ذلك النظام العجيب، والذي يرسم صورة من التعجب ودائرة من الاندهاش وهو ما يسمى «نظام العلاج بأجر» والذي تصر عليه وزارة الصحة منذ أمد، وتتوسع فيه، وتعلن بين الفينة والأخرى قائمة بأسعاره!



إن مكمن العجب أن الوزارة التي باتت عاجزة عن استقبال حالات المرضى – فضلا عن معالجتها – تجدها تتمسك بنظام كهذا، والمضحك أن يقول بعض المسؤولين إن النظام لا يعني مطلقا سحب البساط من المستشفيات الأهلية، وإن تضحك فشر البلية ما يضحك.



أعود للنظام الذي يفرض رسوما على الخدمة الصحية لمن لا يملكون أهلية علاج (هذا المصطلح ينطبق على جميع المقيمين باستثناء وظائف السائقين أو الخدم ومن هم على كفالة الدولة)، وقد أوسعهم ألما وأقض مضاجعهم خوفا من أي عارض صحي.



في الأسبوع الماضي تدخلت في ثلاثة مواضيع، وكل واحد كان أكثر إيلاما من الآخر، فأما الأول فهو مقيم له قرابة ثلاثين عاما في هذه البلاد، وتعرض لمرض في القلب لينقل ويتم علاجه وتجرى له عمليتان تفشل الأولى وتدركه المنية بعد الثانية، وليفاجأ ابنه بفاتورة تبلغ قيمتها مئة وسبعة عشر ألف ريال، والعجيب أنه بعد أخذ ورد وإلزام بالدفع وإيقاف لخدمات الكفيل يفاجأ بأن الفاتورة قد أدرج فيها مبلغ خمسة وثلاثين ألفا لا تخص ذات المريض وإنما أدرجت عن طريق الخطأ، وما زال الابن في الدوامة!



أما الثانية فلمقيم آخر رزق بمولود خديج (لم يكتمل نموه) تم إدخاله للحضانة لمدة تجاوزت شهرين ليفاجأ بفاتورة قاربت مئتي ألف ريال، ليذهب للعاملين في المستشفى ويقول لهم وبكل ألم: خذوه فأنا لا أريده!



والثالثة حاولت فيها الشفاعة مؤخرا لسائق استقدم زوجته المريضة بداء السكري، وتصاب بغرغرينا في قدمها، ويقرر الأطباء بتر جزء من القدم، فيطالب قبل الدخول بتأمين مبلغ سبعة آلاف ريال، وقد صدق عليه المثل « موت وخراب ديار»؛ حيث آلام فقد جزء من جسم الزوجة وأيضا مطالبة مالية لا طاقة له بها.

العجيب أن مدير المستشفى - وهو جديد - رفض الشفاعة رفضا قاطعا وبحجج واهية.



إنني أضع مثل هذا النظام بين ناظري معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة - ليضيف نجاحا إلى نجاحاته - ولعله يوجه بدراسته وإعادة النظر فيه؛ فهو من جهة لا يتوافق مع ما تقدمه بلادنا في شتى الميادين من تقديم يد الرعاية لكل محتاج، وقد باتت بلاد الحرمين مضرب المثل في ذلك ويكفيها فخرا هذا الاسم المجيد، ومن جهة أخرى يبدو أن من وضعه لم يضع في خلده الوضع المالي الذي يعيشه الإخوة المقيمون.



وكم آلمني وجود قائمة بالأسعار في مدخل أحد المستشفيات الكبرى، ولا أخفي سرا إن قلت إنها باهظة بكل ما تعنيه الكلمة.



الأمل قائم في مراجعة هذا النظام والرفع به للمقام السامي، لتكون النتيجة في النهاية بردا وسلاما على هؤلاء البسطاء، وقد كثرت الأمراض في زماننا، ودولتنا بقيادتها الحانية جديرة بتقديم الرعاية الصحية لهم، فهل نترقب نظاما جديدا للعلاج بأجر يا وزارة الصحة؟



[email protected]