سخافة الطرح وسذاجة التلقي (النكتة أنموذجا)

الخميس - 11 مايو 2017

Thu - 11 May 2017

النكتة، والتي يعتقد أنها الفكرة اللطيفة المؤثرة في النفس، هي أحد أنواع الأدب الشعبي تحكي قصة صغيرة أو موقفا يقال أو يكتب أو يشاهد بغرض التأثير على المتلقي وجعله يضحك ويستهدف جمهورا معينا لغرض معين، وتختلف مواضيع النكت، فمنها السياسية والاجتماعية والتاريخية.

أثبت مؤسس علم التحليل النفسي سيجموند فرويد أن العمليات اللاشعورية هي صانعة النكتة، وأن هناك ارتباطا وثيقا بين صنع النكتة والطريقة التي يظهر بها الحلم، وهي استجابة للتناسق الفطري للعقل البشري. وإنها تمد الإنسان بسرور نفسي كبير عن طريق تنفيس كبته، وتسمح له بالتعبير عن غرائزه الفطرية مثل غريزة العدوان والهزل والسخرية.

والنكتة تثير بداخل سامعها صورا ذهنية أو فكرة مرتبطة ومتشكلة ولكنها في الوقت نفسه تواجه مقاومة بفعل عوائق داخلية قوية.

وفي ظل الانفجار التقني أصبح نقل المعلومة يفوق سرعة الصوت، لا سيما بوجود مواقع التواصل الاجتماعي، وقد احتلت النكتة مكانة مرموقة في هرم المواد المطروحة والمتناقلة بين مستخدمي هذه المواقع، وسرت كسريان النار في الهشيم، وأصبحت وجبة دسمة يقتاتها بسذاجة هواة اللهو والضحك، ويسوقها فكر سخيف، وقد يكون مأجورا لتحقيق أهداف أقلها بث التفرقة والعنصرية تنابزا بالألقاب وقذفا في الأعراض، ومما يؤسف له هو تقبل النكتة بسطحية وتمريرها بسذاجة، الأمر الذي يؤدي إلى ترسخ الفكرة منها في أذهان الأجيال. وجعلها أمرا مألوفا تحقق أهدافها بسذاجة تقبلنا برغم سخافتها متناسين أن لها أهدافا ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب وليس مجرد الضحك.

وعزاؤنا في النخب التي تتعاطى مع هذا الطرح الغث والتنبيه على تلك الفئات المستهدفة بفهم الكنه الغامض لها، وتبني المبدأ السائد (أميتوا الباطل بتركه).