ناصر عليان الخياري

قبل أن تتورط لا تربط المال بالعاطفة!

الخميس - 11 مايو 2017

Thu - 11 May 2017

المال هو عصب الحياة، وركيزة من ركائزها الأساسية، مشاكل البشرية كلها تدور في فلك المال وكيفية الحصول عليه، إنه أحد أهم بواعث الصراعات بين البشرية سواء كانت على مستوى الفرد أو الجماعات، وهو بذرة الخلافات الزوجية والأسرية، فما دخل المال شريكا بين اثنين إلا جلب معه الاختلاف والخلاف.

تطيح القروض بالجزء الأكبر من دخل الموظفين، فيعلقون في وضع مالي صعب، بسبب تراكم الديون، ولو فتشت لوجدت أن الإدارة المالية الشخصية السيئة تقف وراء الضائقة المالية المستديمة، هذه الإدارة السيئة نتيجة ثقافة الاستهلاك المزمنة التي تطبع الناس عليها، في مواقع التواصل الاجتماعي تجد من يستحث الحلول من الخبراء والمختصين لمشاكله المالية، الكثير منهم للأسف ليس جادا في فكرة المعالجة، بل إنه يدور في فلك البحث عن الحلول لمجرد التنفيس الانفعالي.

الإنسان هو الأدرى بحجم دخله ومصادره وأوجه الإنفاق ما بين الضروريات والكماليات، وهو الأقدر على اكتشاف المشكلة، وبين يديه مفاتيح الحلول، وهو من سيقوم بتنفيذ الحلول المقترحة، لذلك فإنه إن لم تكن لديه الإرادة الصلبة لحل مشكلته المالية، والالتزام بتنفيذ الحلول المقترحة، فإن تلك الاستشارات وتلك الخطط والحلول ستذهب أدراج الرياح، بل سيراكم فوقها إضاعة الوقت والجهد في البحث والاستشارات والاستغراق بالتفكير، ومع ذلك يبقى مستمرا بنفس الإدارة المالية المفرطة والسلوك الاستهلاكي.

في اعتقادي أن لب المشكلة عند هذه الفئة من الناس تكمن في ربط المال بالعاطفة، حيث إن رهن قرارات الإنفاق بأوامر العاطفة تحول دون جدية المعالجة، لذا تفشل جميع الحلول لأنها ارتبطت بالعاطفة ولم ترتبط بالإرادة التي لا تستجيب للعواطف المفرطة، ليس هناك غير خيارين، فإما أن يضحي الإنسان لبعض الوقت، ويلتزم بإدارة مالية جيدة قد لا ترضي نزعته العاطفية ليكسب المستقبل، أو أن يضحي بمستقبله تماشيا مع ما تمليه عليه الثقافة الاستهلاكية التي تدفعه دوما إلى تجاوز حجم إمكاناته حتى يغرق في دوامة القروض والديون التي تفوق قدرته على الوفاء بالتزاماته المالية.

في النهاية من يريد حل مشاكله المالية لن ينشغل بالاستشارات، فليست هناك حلول جاهزة، فمن يكثر من الاستشارات لا يرغب حقيقة في الحل، فمن يريد الحل سيجده بنفسه فأول خطوات حل المشاكل المالية في نظري هي: الإرادة الصلبة الجادة، ثم ربط الإنفاق بهذه الإرادة، وتنحية العاطفة جانبا، ومعرفة حجم الدخل والالتزام به والحذر من المقارنات الفارغة.