الخطأ في استخدام كلمة خطأ رهبة الامتحانات

الاثنين - 08 مايو 2017

Mon - 08 May 2017

في مدارسنا وحياتنا الاجتماعية، لا نصفق غالبا إلا لمن يجيب جوابا صحيحا. وهذا نابع من حرصنا وتشجيعنا على التفوق، ولكن ما مردود هذا التشجيع على من أجاب؟ وما مردوده على غيره؟

تقول الدكتورة كارول دويك، الباحثة في علم النفس، إن الثناء على الصواب فقط غالبا ما يؤدي إلى عقلية تسمى بالعقلية الثابتة (fixed-mindset) وهذه العقلية تؤمن بأن الذكاء فطرة ربانية لا صفة مكتسبة، مما يجعلها تشعر بالخوف مع كل اختبار، لأن الاختبار في نظر صاحب هذه العقلية سيقيس الذكاء، فإن فشل فهذا تأكيد على ضعف قدراته العقلية. أما العقلية الأخرى فاسمها العقلية المتطورة (growth-mindset) وأصحاب هذه العقلية على عكس الثابتة يؤمنون أن الذكاء نتيجة للجهد المبذول وأن المهارات تكتسب بالتعليم، فتراهم يبحثون عن التحديات والاختبارات، لكي تساعدهم على اكتشاف أنفسهم، فإن أخفقوا بذلوا جهدا إضافيا ليتطوروا.

إذن باختصار الفرق بين العقلية الثابتة والمتطورة يكمن في أن الثابتة تؤمن أن النجاح مرتبط بالذكاء الفطري، بينما المتطورة تؤمن بأن النجاح مرتبط بمقدار الجهد المبذول.

ومن هذا المفهوم العميق، يجب علينا إعادة النظر في أساليب الإشادة بأبنائنا. فيمكن للمتعلم التحول من صاحب عقلية ثابتة إلى عقلية متطورة بعبارات بسيطة فمثلا في حالة الصواب يقال له: «اجتهاد مميز ... استمر» بدلا من «أحسنت ... أنت ذكي» وفي حالة الإخفاق يقال له: «لم تصل إلى الإجابة الصحيحة بعد.. ضاعف الجهد وستصل» بدلا من «خطأ .. حاول مرة أخرى». هذه العبارات وغيرها تحفز المتعلم للتعلم. وأما في مدارسنا، فعلينا معرفة الوقت المناسب للتصفيق والتكريم، فالطالب المجتهد - وإن أخفق - أفضل من الطالب الذي يخاف الإخفاق، فالإخفاق هو أقوى وسائل التعلم. لذلك يجب أن يكون تصفيقنا وتشجيعنا مستمرين لكل مجتهد، فالمطلوب من المتعلم بذل الجهد لا الإجابة الصحيحة.

هذه النظرية النفسية الحديثة تخفى على كثير من الآباء والأمهات، فتراهم يغضبون من أبنائهم إذا حصلوا على درجات دنيا في اختباراتهم، ولا يعلمون أن درجة الاختبار ليست المعيار الأساسي لأداء المتعلم، فهذه الدرجة ليست إلا مؤشرا صغيرا من مؤشرات أهم. ما يجب علينا جميعا فعله هو قياس الجهد المبذول في التعلم، والتحفيز المستمر في بذل مزيد من الجهد لخلق عقلية متطورة. كما يجب علينا أن نعي أن التوبيخ يعني خلق عقلية ثابتة تخشى الاختبار غير قابلة للتعلم. ولنتذكر دائما أن العلماء والناجحين تميزوا بالجهد المبذول وليس بفطرة ذكاء أعلى. ألم يقل أحد أنجح علماء القرن العشرين آينشتاين: «ليست الفكرة في أني فائق الذكاء، بل كل ما في الأمر أني أقضي وقتا أطول في حل المشاكل».

قفلة:

ما أعظم كلام سيد المربين وخير البرية صلى الله عليه وسلم الذي قال: «إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم»!

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال