عبدالله الجنيد

أستانة المقصلة

الاثنين - 08 مايو 2017

Mon - 08 May 2017

تبقى سوريا حقول القتل المشروعة بكل الأشكال رغم تعدد المؤتمرات وتعذر محكمة الجنايات الدولية في قبول النظر في دعوى جرائم حرب ضد نظام بشار الأسد نتيجة الفيتو الروسي.



إلا أن «المعارضات السورية» بات الاقتتال الداخلي سمة حراكها السياسي مهددا لبقائها كما جاء على لسان المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات رياض آغا لقناة الحدث. فالوفد المشارك برئاسة محمد علوش (جيش الإسلام) هو من يقوم مقاتلوه بقتل السوريين العزل في الغوطة الشرقية مع حليفه فيلق الرحمن. بناء عليه، هل يختلف محمد علوش عن بشار الجعفري إلا في عدد القتلى.



أما فيما يتعلق بالمشاركة في أعمال مؤتمر أستانة فقد كانت محاكمة أخلاقية لرعاته الرسميين وبشار بالإضافة لتلك الفصائل المتأسلمة. فما قيمة حضورها إن كان الضامن هو القاتل، وفيما اختلفت تعهداتهم الآن عن تعهداتهم في جنيف وفيينا وأستانة سابقا.



إن ما بين أيديهم هو خارطة تقسيم سوريا وهو ما يتفاوض عليه الجميع من الضامنين إلى بشار الجعفري والتنظيمات المتأسلمة، فبمراجعة تلك المناطق المقترحة، نجد أن إدلب رهينة مقابل وقف الاندفاع من جنوب سوريا باتجاه العاصمة دمشق، في حين أن باقي المناطق لا تتعدى جيوبا سيطبق فيها التطهير الطائفي والعرقي.



العتب مرفوع في الدم السوري لأن الفصائل المتأسلمة لا تختلف عن الأسد في المشروع النهائي. فإن كان عزم حزب الله إيرانيا في سوريا فبأي اسم تقتل جفش وجيش الإسلام السوريين، وكلهم مدعوم من دولتي مشروع الخلافة الإسلامية، وكلا المشروعين قائم على خدمة إمام ظاهر وآخر منتظر. متى سنقف من الجريمة كجريمة، والمطالبة بمثول كل القتلة أمام عدالة الأخلاق بعدما أفسدت المصالح كل السياسة.



هذه التنظيمات ومن على شاكلتها هي أول المهرولين إلى الموائد إن كانت في أستانة أو غيرها حبا في الاستئساد بسوريا بعد أو مع الأسد تنفيذا لاستراتيجية اقتسام الشام والعراق فيما بين دولتي الولي الفقيه ودولة الخلافة. وتلك الاستراتيجية تتوافق والإسرائيلية، أما الولايات المتحدة فقد اعتمدتها حتى قبل إعلان تأسيس دولة إسرائيل. روسيا تعتمد اليوم الاستراتيجية نفسها في التعاطي مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فكلاهما لا يعنيه تمدن المنطقة أو نهضتها بقدر مواءمة ما بين النهرين واستراتيجية الطرفين. وهذا التعاطي غير مقتصر على منطقة الشرق الأوسط بل هي النظرة نفسها إلى أوروبا، ويتضح ذلك جليا في توافق نظرتهما للاتحاد الأوروبي.



أستانة ستبقى البوابة الخلفية لجنيف بعد فشل فيينا كما توافق عليها الطرفان مذ عهد أوباما، لكن السؤال: ما هو موقف المعارضات السورية خصوصا مع وجود تباينات قابلة للتوظيف السياسي. فمنصات العواصم في الملف السوري ماثلتها منصات وعواصم أخرى في الملف اليمني، وكلها آليات سياسية تعكس واقع الحال السياسي عالميا نتيجة الأوبامية المهادنة. بعض ممثلي فصائل الجيش الحر نجح في التعبير عن سوريا عندما رفض التوقيع على وثيقة تصف إيران بالضامن لسلام محتمل في سوريا، ومغادرته لقاعة الاجتماع فرض على الجميع طأطأة الرأس.