محمد حطحوط

هل مستقبل السعودية يدعو للتفاؤل؟

الاحد - 07 مايو 2017

Sun - 07 May 2017

تلقيت دعوة كريمة مطلع الأسبوع الماضي من أمير منطقة الرياض الخلوق فيصل بن بندر لمأدبة غداء احتفالا بتعيين نائب منطقة الرياض الجديد الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز. ودهشت عندما قابلت سمو الأمير لأكتشف أنه شاب من جيلنا، يفهم لغتنا وتفاصيلنا التقنية، ولديه طموح كبير للتغيير والتطوير.



ليس هذا فحسب، جل التعيينات الوزارية الأخيرة التي أطلقها ملك الحزم هي في خلاصتها تمكين حقيقي لجيل الشباب من استلام دفة القيادة.



وهذا يعيدنا لمربع السؤال الأول: هل مستقبل السعودية يدعو للتفاؤل؟ طرح السؤال ذاته في جلسة ثقافية قبل عشر سنوات، مع مجموعة من المثقفين، وكنت الوحيد تقريبا -وقتها- الذي كان متفائلا بمستقبل المملكة. وكانت نقطة خلاف قوية مع الزملاء لدرجة أني اضطررت لتبرير الموقف، وأن هذا التفاؤل ليس مبنيا على أوهام ونظرة إيجابية صرفة خالية من المبررات، بقدر ما هو مبني على سببين رئيسين يحدثان بالبلد. هذان السببان هما الباعث الأساسي للتفاؤل بمستقبل السعودية قبل عشر سنوات، وما زالت ترسل الترددات ذاتها من التفاؤل اليوم.



السبب الأول: هناك مئات الآلاف من المبتعثين حول العالم، آلاف من الشباب والشابات في أرقى جامعات العالم، يحصدون خلاصة ما وصل له العالم الأول، وسينقلونه يوما لوطنهم طال الزمان أو قصر. صحيح لن يحدث هذا بين عشية وضحاها، ولكن حدوثه مصيري وحتمي، فلا بد أن يتخلى الجيل الذي قبله عن القيادة يوما، ويتولى هو بفكره الجديد زمام المبادرة. هذه العملية - ذهاب جيل وتولي جيل جديد - تأخذ متوسط 20-30 سنة. الملهم سلمان اختصر هذا الوقت للنصف. خذ نظرة خاطفة على متوسط الأعمار اليوم في مجلس الوزراء لترى الفرق الكبير الذي أحدثته تلك القرارات.



السبب الثاني الذي يدعو للتفاؤل: مستوى الوعي المجتمعي غير المسبوق نظرا للحرية والتعددية التي وفرتها وسائل التواصل الاجتماعي، والأثر الكبير الذي أحدثته على هذا الجيل لم تظهر آثارها بعد. ثلاثة عقود بعد حادثة جهيمان، كان الرأي الواحد هو سيد المرحلة. على المستوى الديني لم يكن هناك صوت يعلو صوت الصحوة. وعلى المستوى الثقافي والإعلامي ليس لديك خيار سوى القناة الأولى والثانية. وعلى المستوى السياسي صوت الحكومة معروف وثابت. قبل عشر سنوات وعلى بداية مواقع التواصل الاجتماعي، كانت نقطة تحول تاريخية من شعب - تقريبا- عبارة عن نسخ مكررة فكريا وثقافيا، لعصر انفتحت عليه أبواب العالم. المحيط الثقافي والاجتماعي الذي خرجنا فيه -مواليد ما قبل حرب الخليج - مختلف تماما عن المحيط اليوم.



هناك فجوة عميقة بين الأجيال، لكن لم تظهر آثارها للسطح بعد، لأن جيل (الصوت الواحد) ما زال مهيمنا على كل شيء، ولأن جيل (فلوقات) اليوتيوب ما زال ملتزما الصمت في التجمعات العامة وموقف الحياد في القروبات العائلية. لكن إذا أردت أن تنصدم وتعرف وجهات نظره في أشياء كانت عندنا مسلمات، ادخل لمواقعهم وتجمعاتهم وكن مستمعا جيدا، لتدرك الفرق الكبير في التفكير بين الجيلين. ستكون هناك فاتورة سلبية سيدفعها المجتمع، لكن التأثير العام هو إيجابي لأن التنوع الفكري والثقافي هو ما يصنع المجتمعات القوية. أعظم دولة على وجه الأرض اليوم، أمريكا، أدركت مبكرا التأثير المذهل للتنوع داخل المجتمع.



انتهت المساحة المخصصة ولم تنته الأسباب الكثيرة التي تدعونا للتفاؤل، أهمها أن لغة محمد بن سلمان في لقائه الأخير لم نعهدها من قبل من رجل في منصب حكومي. كنا نسمع مثل هذه اللغة فقط في القطاع الخاص.. السعودية مقبلة على مرحلة تغيير كبيرة، تفاءلوا واعملوا بجد لنهضة بلدكم، ودعوا عنكم المشككين والمحبطين والمثبطين.



mhathut@