صالح العبدالرحمن التويجري

ما أحكمك وأعدلك بخلقك يا إلهي

السبت - 06 مايو 2017

Sat - 06 May 2017

الحمد لله الذى بحمده تتم الصالحات، والحمد لله أن خلقنا ورزقنا، والحمد لله أن زين لنا الكثير والكثير مما خلق، (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا..).

وقال سبحانه (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) وقال: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا..) وقال: (وبالوالدين إحسانا) يا سبحان الله أن جعل لنا من الأولاد زينة وبنفس الوقت جعل منهم أعداء وحذرنا منهم لعلمه بما سيكون جل ذكره ومن ثم أمرنا بالإحسان إلى والدينا. وفي الحديث قال: رجل من الصحابة: يا رسول الله، كم الكبائر؟ قال تسع، وعد منها عقوق الوالدين.

وعقوق الوالدين له عقاب شرعي في الدنيا قبل الآخرة، وهذا رجل يماني يطوف بالبيت، حاملا أمه العجوز على ظهره، ويطوف بها، فرأى ابن عمر فقال له: يا ابن عمر! أتراني جزيتها؟ تراني بهذا الفعل جزيت حق أمي وأرجعت لها الحقوق، فقال له ابن عمر: لا، ولا بزفرة من زفراتها، ولا بطلقة من طلقاتها حين وضعتك من بطنها.

يا ترى هل كل الشباب يعون هذا الفعل ويعلمون تلك الحقوق ويعترفون بها ويؤدونها كما ينبغي منهم، لعل هذا يحصل فالله هو الهادي إلى سواء السبيل، ومن فضل الله أن جعلنا أمة وسطية في كل أمورنا الدينية والدنيوية، وحينما أوجبت شريعتنا البر بالوالدين أوجبت أيضا عقابا على العاقين (جزاء دنيويا سابقا لعقاب اليوم الآخر)، وتطبيق ذلك على من استحقه لا شك واجب شرعا، ولا أجمل من تلك الأحكام الشرعية التي صدرت قبل أيام بحق الشاب الذي حاول تفجير المنزل بوالديه وإحراقه، فحكم عليه بالسجن والجلد. كما ينتظر قضاء من المحكمة بإصدار حكم شرعي بشأن من احتجز والده المسن، يتمثل بالسجن والغرامة المالية، كل هذا تأديبا لمن أساء إلى والديه أو أحدهما اللذين قال الله عنهما في كتابه: ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما.. فكيف بالمرء أن يفعل بوالديه أو أحدهما كما فعل هؤلاء؟

هل معنى هذا أنهم لم يقرؤوا القرآن، أم أنهم قرؤوه ولكن تجاهلوا مضامينه، وألم يعرفوا من السنة ما يوجب بر الوالدين حتى بعد موتهما؟ علما أن من فضائل بر الوالدين أنه سبب لدخول الجنة، وأنه من أحب الأعمال إلى الله، وأن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله عز وجل، وأن رضا الرب في رضا الوالدين، وفي البر بهما منجاة من مصائب الدنيا، بل هو سبب تفريج الكروب، وقد أكد «كبار العلماء» أن بر الوالدين يشمل الإنفاق عليهما عند الحاجة، والسمع والطاعة لهما في المعروف، وخفض الجناح لهما، وعدم رفع الصوت عليهما، ومخاطبتهما بالأسلوب الحسن.

والتأكيد بأن العقوق ضد البر، وهو من أكبر الكبائر عند الله، وعلى الشباب أن يعوا حقوق الوالدين ويعظموها، وحقيقة إن الأمر لخطير جدا أن يتعامل إنسان مسلم مع والديه أو مع أحدهما كما فعل هؤلاء، فاللهم اغفر لوالدينا وارحمهما كما ربيانا صغارا، فيا إخوتي ويا شباب الإسلام بروا أمهاتكم وآباءكم يبركم أبناؤكم.. نسأل الله الهداية والتوفيق وأن يمنحنا القدرة على بر الوالدين أحياء وأمواتا وبالله التوفيق ومنه السداد.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال