أحمد الهلالي

حين دخلت سجن الطائف!

السبت - 06 مايو 2017

Sat - 06 May 2017

سررت قبل أيام بدعوة كريمة من إدارة سجون محافظة الطائف، زادت سعادتي فيها باستقبال قيادات السجن بقيادة العميد مشعل المفرجي، ولقاء معالي الشيخ صالح اللحيدان، واللواء فايز الأحمري مدير إدارة سجون منطقة مكة المكرمة، ودعاة ومشايخ من محافظة الطائف، لم تكن تلك السعادة إلا ابتداء صباح سعيد، حين دخلنا فناء السجن إلى مقر (الخيمة الدعوية)، فاستقبلنا النزلاء بقصيدة نبطية يؤديها أحد النزلاء ويردد الباقون مقاطع منها، ثم استمعنا إلى حفلهم الخطابي الذي قدمه النزلاء أنفسهم، فعلمت أن الخيمة الدعوية بلغت دورتها الخامسة هذا العام، وتستمر لأكثر من 20 يوما، وأنها تطبق في سجون محافظة الطائف فقط، بفكرة من العميد إبراهيم الطويرقي، واستمرارها يأتي بدعم سخي من رجال أعمال وطنيين مخلصين.



تجولنا في الفناء بين السجناء الطلقاء، في جو حميم بين (السجين والسجان)، فمجموعة يستعدون لفقرة من البرنامج، ومجموعة تعد أباريق الشاي، ومجموعات أخرى تعد طعام الإفطار، وكأنك في رحلة برية، ثم دخلنا المعرض المقسم إلى حجرات، كل حجرة تتخذ عنوانا مستقلا، فالحجرة الأولى عن الصلاة، والثانية عن بر الوالدين، وثالثة ورابعة، يقوم على كل حجرة مختصون ودعاة، وزادت سعادتي بوجود مركز رشد الخيري لعلاج الإدمان بطرق علمية حديثة، سبق وكتبت عن جهودهم النوعية المباركة.



هذه التجربة في نظري يجب أن تعمم على كل سجون المملكة، فهي من المبادرات البيضاء التي تعطي السجين الأمل، وتبصره بأخطائه، وتشعره أن السجن ليس المكان الذي يسلب حريته، والسجان ليس القامع المتسلط، بل هدفه إعادة السجين إلى جادة الصواب، ووضع قدميه على الطريق المستقيم ليبدأ حياة جديدة صالحة ونافعة.



هذه الفكرة الرائعة يجب أن تجد التطوير أيضا، فالجانب الدعوي أساسي ومهم، لكن يجب أن تستعين إدارات السجون بخبراء ومتخصصين في علوم النفس والاجتماع، ومدربين في مجالات مختلفة كمهارات التفكير واكتشاف المواهب، فالداعية غالبا يوقظ أرواح البعض من الغفلة، ويستحث عواطفهم، لكن شريحة منهم بحاجة إلى إيقاظ عقولهم، واكتشاف طاقاتهم الكامنة، وتوجيهها الوجهة الأمثل، فلا أجمل من خروج النزيل بمهارة أو موهبة أو رؤية مختلفة للحياة، تعضد التوبة النصوح.



السجناء ليسوا أشرارا غالبا، وكل إنسان معرض أن يخطئ فيستحق العقوبة، لكن شتان بين سجن لا يقدم لنزلائه شيئا، وسجن يسخر لهم البرامج الإصلاحية الذكية التي تستهدف كل فئة بما يقوّم سلوكهم ويفيدهم، وينعكس على المجتمع.



شكرا إدارة سجون الطائف، وشكرا لرجال الأعمال الوطنيين، وشكرا للدعاة الذين يسخرون أوقاتهم وطاقاتهم لإفادة النزلاء وتبصيرهم بما يفيدهم ويفيد أسرهم والوطن، فهكذا يكون العطاء، ولا أظن المؤسسات الصحية والأكاديمية الحكومية والخاصة ستتوانى عن التعاون وتصميم برامج وتقديم خبرات تعين إدارات السجون في مهامها الجليلة.



ahmad_helali@