الإلمام الإعلامي بين الخبز والكعك

الجمعة - 05 مايو 2017

Fri - 05 May 2017

يقال إن ماري انطوانيت ردت على من اشتكى من شح الخبز، بقولها «إذا لم يجدوا الخبز فليأكلوا الكعك». هذه الجملة سببت غضبا عارما بين العامة، وزادت اليقين بحجم الفجوة في الاهتمامات بين الطبقات، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير، وبها أصبحت سيدة البلاط الفرنسي مضرب المثل لمن خذلته أساليب اللياقة وأسباب اللباقة.

ماذا يعني الإلمام الإعلامي؟ الشركات العالمية، وخاصة تلك التي توجد في بلاد ذات حساسية إعلامية وتوجس قضائي، تقوم بمنع موظفيها من الظهور على أي وسيلة إعلامية، تقليدية أم حديثة ليتحدث بالنيابة عن الشركة في أي موضوع كان، ومهما كان منصبه. إذ يمكن لأي ظهور غير منضبط أن يدخل الشركة في متاهات قضائية وسلسلة هجمات إعلامية معاكسة.

الاستثناء هنا، لمن هم مدربون إعلاميا، ومروا بمنظومة إعداد للتعامل مع وسائل التواصل، فهناك محاذير قد تؤدي لسوء الفهم من قبل العموم، كما أن هناك أيضا معلومات لا يجب الإفصاح عنها، إما بسبب الخصوصية أو التوقيت، فلكل كيان أسراره، ولكل حادث حديث.

اقتحام بعض رجال الأعمال لدينا وسائل الإعلام وخاصة الاجتماعية منها وبطريقة عفوية أدى لردود فعل عارمة من قبل المجتمع، فالظهور على اليوتيوب بشكل مبتذل والتحدث بأسلوب غير منضبط أو بدون تحضير مسبق مع عدم التحقق من كيفية تفسير العبارات، قد يكلف الكثير من السمعة والانطباع العام، وبعض المصالح أيضا.

المرير، هو أن بعضهم من بيوت عريقة، ولهم شهرة كبيرة وباع طويل، يخطئون مرارا بالخروج بهذا الأسلوب الباهت، وللأسف. مؤلم أن يتمكن أحدهم من تحقيق نجاح باهر في مجال ما، يستثمر الكثير من ماله ووقته وجهده في أعمال ناجحة، ولا يجد الحاجة أن يستثمر في نفسه القليل ليتعلم أبجديات التعامل مع هذه الأدوات، كمهارات الإلقاء، أو التعاطي مع الإعلام.

ربما شارك الإعلام التقليدي في هذا التقصير، فقد عودنا على القص واللصق والتلميع، وعلى اجتزاء الوقائع كي تناسب الرأي العام، لكن هذا الحاجز كسر بفعل الوسائل الحديثة المباشر منها وغير المباشر.

الأمر نفسه لا يقتصر على التنفيذيين في مجال المال والأعمال فحسب، بل جميع من له تماس مع الجمهور. فالردود غير المحسوبة قد تسبب توترات حادة وموجة من عدم الرضا عن واقع الجهة التي يمثلها ذلك الشخص.

وعودا على ماري أنطوانيت، فقد يقول القائل إن الفرق بين الكعك والخبز ليس بالشيء الكثير، عدا في الشكل وبعض المكونات، وكلاهما يسد الجوع. لكن لنتذكر أن المشكلة ليست في الواقع (المكونات)، إنما في سوء الفهم والظن (الجوع).