عبدالله المزهر

الوحدة جليس سوء!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 04 مايو 2017

Thu - 04 May 2017

أسعد الله جمعكم وجماعاتكم وسائر أيامكم أيها السائرون في مناكب الأرض تبحثون عن الحياة قبل أن تعيشوها. وتسعون في كبد إلى أن تمحى أقدامكم وتذوب الطريق.



وبمناسبة الحياة والجمعة والناس، فقد كنت أسأل دائما سؤالا افتراضيا ساذجا وأقول لو خيرت بين أمرين لا ثالث لهما، إما أن تكون أمة الإسلام هي أقوى وأعز أمم الأرض وقائدة الدنيا في كل شيء، تهابها وتحترمها كل المخلوقات، ولكنك وحدك لسبب أو لآخر تكون خارج هذه المعادلة ويكون مصيرك في الآخرة هو جهنم.



والخيار الثاني هو أن تكون الأمة على عكس الخيار الأول ـ كوضعها الآن ـ ولكنك في آخر المطاف تكون من أهل الجنة.



بالطبع فإن هذا السؤال الافتراضي يوجه لمن يؤمن أساسا بوجود يوم آخر وجنة ونار، وأظن أن الجميع يميلون للاختيار الثاني، وأظن أيضا أن هذا هو لب فكرة الإسلام، أصلح نفسك فقط وستجد أن العالم سيصلح من تلقاء نفسه.



الناس يريدون أن يعيشوا بكرامة وأن يموتوا كذلك، بقية الأمور ليست مهمة كثيرا، وحين يجد الإنسان حياة كريمة مطمئنة آمنة فإنه لا يفكر كثيرا في المشاريع الكبرى ولا تعنيه في شيء، لأنه يفترض أنها وسائل وليست غايات.



وحدة الأمة وعزتها وقوتها يفترض أنها وسيلة ليعيش البشر حياة كريمة في حياتهم المؤقتة، وليست غاية يموت الناس من أجل تحقيقها لكي يعيش من يأتي بعدهم في ظلها حياة كالعدم. وبالطبع فإن اجتماع الأمرين شيء عظيم، ولكن الحياة الكريمة للبشر واحترام آدميتهم أهم من أي وحدة واتحاد. والتضحية بالثانية من أجل الأولى أشرف وأنبل من التضحية بالأولى من أجل الثانية.



وعلى أي حال ..



الوحدة خير من جليس السوء في أحيان، ولكنها في أحيان أخرى تكون هي بذاتها جليس السوء شخصيا!



[email protected]