عبدالله قاسم العنزي

عدم قبول شهادة المتهم على المتهم

الخميس - 04 مايو 2017

Thu - 04 May 2017

لقد تميزت الشهادة عن غيرها من وسائل الإثبات، فهي تدخل في كافة العلاقات الإنسانية، باعتبار أن أفراد المجتمع شهود على بعضهم في علاقاتهم وتصرفاتهم، بخلاف أدلة الإثبات الأخرى التي لا تطبق إلا في حدود ضيقة. وقد ثبتت مشروعية الشهادة بالكتاب والسنة، وذلك أن الحاجة قائمة لوجود الشهادة لحفظ الحقوق وصيانة الأنفس.



ولما كانت الشهادة بهذه الأهمية لتحقيق العدالة فإنها لا تقبل إلا من شهود عدول لقوله تعالى «وأشهدوا ذوي عدل منكم»، فالشاهد يلعب دورا كبيرا في تغيير النتائج والأحكام بما يدلي به من شهادة، ولذا حرصت الشريعة الإسلامية على منع قبول الشهادة من شخص قد تؤثر عليه انفعالاته أو رغباته أو يكون محلا للتهمة من حيث إنه يكذب ويظلم غيره في شهادته.



وما يثور في الساحة القضائية والقانونية هي شهادة المتهم على متهم آخر، بمعنى متهم ثابت على الإنكار وآخر في ذات القضية المتهم زميله بها يعترف بأن زميله هو الذي ارتكب الجريمة أيا كانت. ولكن القاعدة في هذه المسألة أن المتهم لا تقبل شهادته على المتهم الآخر في نفس الدعوى التي بها المتهمان، إذ إن المتهم محل شك الجهات العدلية، فمن المصلحة الإدلاء بشهادته لتبعد عنه الشك، وقد تبرئه وتصرف نظر المحقق أو القاضي إلى الشك بالمشهود عليه وهو المتهم الآخر، وهذه من المسائل المشكلة، خصوصا إذا كانت الأدلة معدومة في الواقعة فيصعب على المحقق تأسيس أسباب الاتهام وتوجيهه إلى شخص معين أو مجموعة أشخاص.



ولكن هنالك من المحققين في حالة كانت أسباب الاتهام ضعيفة فيما يظهر له نحو المتهم الشاهد فإنه يقبل شهادته حالة كانت هنالك قرائن تعضد شهادته ضد زميله، وتعتبر اعترافا منه وليست شهادة بشكلها العرفي والشرعي.



لكن للمتهم المشهود ضده أن يتمسك بأن ما أدلى به زميله المتهم معه في ذات القضية أنها شهادة وأنه لا تنطبق عليه شروط الشاهد من حيث عدم بعد هذه الشهادة من أن تكون وسيلة دفاع، وليس لتحقيق العدالة وكشف الحقيقة، وأن الاعتراف حجة قاصرة على المقر أو المعترف.



والأصل في الإنسان البراءة ما لم يثبت خلاف ذلك، وقد جاء في الحديث «لو يعطى الناس في دعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ...»، وأيضا جاء في الحديث «لا تقبل شهادة خصم ولا ضنين»، وهذه من الإشكاليات بأن يعتبر شهادة المتهم على زميله المتهم في ذات القضية اعترافا يدان به الآخر، وقد يكون بريئا مما اتهم به، فالمقصود أن في مثل هذه الحالات تكون سبب إدانة ضعيفة ولا تقبل في القضاء حالة قدم المتهم دفوعه برد شهادة المتهم الآخر.