ناصر عليان الخياري

الإصلاح الاقتصادي ضرورة حتمية

الخميس - 04 مايو 2017

Thu - 04 May 2017

أول خطوات حل المشكلة هو الشعور بالمشكلة. فمن لا يشعر بأن هناك مشكلة تحتاج إلى حل، لن يتمكن من حلها، وستبقى تتفاقم حتى يصبح الحل عسيرا أو مستحيلا. شئنا أم أبينا، فإن الاعتماد على مصدر واحد للدخل مشكلة، وترك الحل لمجريات الصدف سيدخلنا في وهم لن نستفيق منه إلا بعد فوات الأوان.

ليس من السهل فهم الاقتصاد، فهو علم قائم على نظريات وأرقام لا يستطيع الكثير من الناس فهمها وتفكيكها كما يفهمها الاقتصاديون. السياسات الاقتصادية لا يمكن رسمها بناء على الكلام، ولا على العاطفة، ولا يمكن التساهل فيها، أو إهمالها لأن نتائجها الإيجابية أو السلبية ستنعكس بشكل مباشر على حياة الناس ومعيشتهم. الإصلاح الاقتصادي في بلادنا ملف ضخم جدا، ويحتاج إلى عمل كبير وجبار للنهوض به، وإلى شخصية قيادية تمتلك الرؤية والجرأة معا، فمن لا يقدم لن ينجز شيئا. فالجرأة بالمبادرة خطوة حاسمة لأن عامل الزمن لا يخدمنا، فكلما تباطأنا في عملية الإصلاح الاقتصادي تضاعف الثمن وضاعت الفرص. الثقافة السائدة بشكل أو بآخر ترى أن على الحكومة أن تنفق، وأن توفر الخدمات، وأن تحقق التنمية الشاملة، وهذا منطلق صحيح فتلك واجبات الحكومة، لكن في الجانب الآخر تبقى تلك المهام مربوطة بحجم الميزانية ومدى قدرتها على تحقيق تلك المتطلبات. من هنا لا بد أن يدرك المواطن أن أمام الحكومة والمواطن معا، تحديات اقتصادية كبرى، لا يمكن تجاوزها بجرة قلم، أو شربة ماء. فالإصلاح الاقتصادي مثلما أنه يهدف إلى التنمية وإلى خلق فرص عمل وإلى رفع مستوى الدخل وتنويع مصادره، فإنه لا بد أن يمر بمراحل تحتاج إلى مبضع جراح سيكون الجرح مؤلما قليلا لكن ألم يدرأ ما هو أشد وأقوى إيلاما في المستقبل.

من الواضح أن الأمير محمد بن سلمان يحيط بجميع تفاصيل الإصلاح الاقتصادي ولديه تصور واضح وكاف لجميع الخطوات الإصلاحية التي يتم العمل عليها الآن أو مستقبلا بصورة دقيقة لجميع جوانب عملية الإصلاح بما فيها السلبيات المتوقعة والأساليب الوقائية والعلاجية لها وحسب ما عبر عنه في اللقاءات التي أجراها، وعلى ضوء إنجازات مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. وبالنظر إلى الدور الذي بذله سموه من تحركات وزيارات لعدد من الدول وما تم من مبادرات وبرامج يتضح أنه يدرك جيدا مدى خطورة الأزمة الاقتصادية التي تحوم حولنا حتى الآن، وستطيح بنا في المستقبل إن بقينا على نفس السياسة الاقتصادية القديمة، لذلك فإن رؤية 2030 هي السفينة التي ستقلنا من مخاطر البحر المتلاطم إلى شاطئ الأمان.

إذن على المواطن أولا أن يشعر بالمشكلة التي يعاني منها اقتصادنا، وثانيا عليه أن ينظر إلى عملية الإصلاح الاقتصادي من مبدأ مقتضى الضرورة، فالإصلاح ضرورة حتمية لا بد منها فلنتقبل المرحلة بإيجابية لئلا يأتي اليوم الذي نتحسر فيه على التفريط بالإصلاح الاقتصادي.