أحمد صالح حلبي

غياب الثقة مع الجمعيات النسائية

الخميس - 04 مايو 2017

Thu - 04 May 2017

ليس عيبا أن نقرأ عن خطأ وقعت به مؤسسة أو جمعية خيرية حديثة النشأة نتيجة إجراء إداري أو مالي خاطئ ارتكبه موظف حديث التخرج فاقد للخبرات، فالخبرة العملية المكتسبة لها دورها في تلافي الكثير من الأخطاء، لكن أن نرى خطأ في الإجراءات المالية داخل واحدة من أقدم الجمعيات الخيرية النسائية والتي مضى على تأسيسها قرابة الــ 43 عاما فهذا هو المؤلم، ويزداد الألم حينما يكون الخطأ صادرا من شخصيات تربوية، إحداها تتولى رئاسة مجلس الإدارة، والأخرى عضو بمجلس الإدارة ومسؤولة الشؤون المالية، فالخطأ هنا لا يسيء لهما بقدر ما يسيء للجمعية ومكانتها داخل المجتمع، ويزرع الشك ويغيب الثقة ويوقع الأبرياء داخل دائرة الشك لذنب لم يقترفوه وخطأ لم يرتكبوه.



ولعل ما تعرضت له إحدى الجمعيات الخيرية النسائية بمنطقة مكة المكرمة مؤخرا من موقف مؤلم نتيجة لخطأ في الإجراءات المالية أدى لتقدم أحد المتعاملين معها لقسم الشرطة للمطالبة بحقوقه المالية، بعد أن منح شيكا غير قابل للصرف، مما عرض رئيسة الجمعية ومسؤولة الشؤون المالية للحضور إلى قسم الشرطة ومطالبتهما بإحضار شيك مصدق أو دفع المبلغ نقدا عبر قسم الشرطة.



ومثل هذا الإجراء أكد على أن ثمة خللا في الإجراءات المالية المتبعة داخل هذه الجمعية، وقد يكون مثل هذا الخلل موجودا بغيرها من الجمعيات أيضا، بعد أن أفسح المجال لدخول عضوية مجلس الإدارة لكل من هب ودب، وباتت عملية توزيع المهام داخل مجلس الإدارة توزع، دون النظر للمؤهلات التعليمية والخبرات العملية.



وإن كان قسم الشرطة قد أنهى القضية بعد إلزامهما بدفع المبلغ للمدعي، فلا نعرف ما الإجراء الذي ستسعى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لتنفيذه باعتبارها الجهة المشرفة على أعمال وأنشطة الجمعيات والمؤسسات الخيرية، إن وصلتها القضية كاملة، فهل ستعتبرها حادثة عرضية وستسمح باستمرار الرئيسة والعضوة في منصبيهما وتمنحهما الحق في التقدم مجددا للانتخابات القادمة لتزداد المأساة؟

أم سيكون للوزارة إجراء عملي يضمن الحفاظ على مكانة الجمعيات والمؤسسات الخيرية داخل المجتمع، ويزرع الثقة في قياداتها، وتسعى لإقالتهما لكونهما أساءتا للجمعية ومكانتها بالمجتمع؟

وإن كانت الوزارة ستسعى لتجاهل ما حدث وتسمح لهما بالاستمرار في منصبيهما فستزيد من غياب الثقة بين الجمعيات والمؤسسات الخيرية وأفراد المجتمع؟



ولا بد أن يدرك الجميع أن ما تتلقاه الجمعيات والمؤسسات الخيرية من تبرعات واشتراكات وصدقات وهبات لا يفي بالكثير من احتياجاتها، وهذا ما يؤكده مسؤولو الوزارة والجمعيات والمؤسسات الخيرية دوما، وتوفير المتطلبات والاحتياجات بات أمرا صعبا، فكيف يكون في حال فقدان الثقة نتيجة لأخطاء مالية ترتكب؟



إن الجمعيات والمؤسسات الخيرية أصبحت تواجه أزمة مالية نتيجة لانخفاض التبرعات مع قلة الموارد داخلها، والعمل على توعية المواطنين وإشعارهم بالخدمات التي تقدمها الجمعيات والمؤسسات الخيرية، وفتح قنوات الشفافية والوضوح وزرع الثقة، عوامل تساهم في اطمئنان المتبرعين وأفراد المجتمع على تبرعاتهم ومعرفة المستفيدين منها.



وعلى رؤساء المؤسسات والجمعيات الخيرية أن يدركوا بأن الدعم الذي كانوا يتلقونه من رجال الأعمال وأصحاب الشركات الخاصة لم يعد كالسابق، وأن التبرعات الحالية لا بد أن توفر أفضل الخدمات، ليس لزرع الثقة وحدها بل لتأكيد جودة الخدمة. وعلى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن تنظر للمؤسسات والجمعيات الخيرية، باعتبارها مؤسسات خدمية لا مؤسسات وجاهة وبروز إعلامي.