أحمد الهلالي

ركض القاعد في وثير الجاعد!

الثلاثاء - 02 مايو 2017

Tue - 02 May 2017

منذ الاحتلال الغبي الآثم للكويت عام 1990، ومنطقتنا العربية لم تهدأ، والصدع الكبير في وحدتنا العربية يتشعب إلى صدوع أكثر، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، ولا نعلم متى تتوقف التشظيات، والإفرازات السامة، ولا ما يحمله المستقبل الداكن، ولا تزال الهزات الاقتصادية تعصف باقتصاداتنا التي يصفها السياسيون بالقوة، والواقع يخالفهم إلى غير تلك الطمأنات، ولا مناص أن نبحث عن أفق آخر، أفق يساعد أجنحتنا الرثة على جمع قواها والتحليق فوق ركام واقعنا غير المبشر.



لسنا فقراء معرفة، ولا فقراء اقتصاد، ربما الفقر المهيمن علينا يتمثل في ضعف التخطيط، وصناعة المنظومات المعرفية الحقيقية، وتوجيه العقل الجمعي إلى العلم، وتصحيح مفهوم العلم الراسخ في الذهنية الاجتماعية، فقد اختطف مفهوم العلم وألصق بالفقهاء حين ضاقت بعلمهم ألقاب (شيخ وفقيه ومفسر ومحدث)، فتنازلوا عنها للمبتدئين، وأصبح المتبحر في الفقه والتفسير وحافظ الآثار والآراء هو (العالم والعلامة)، وكل أدبيات هذا الوصف لا تنصرف إلى غيره، إلى درجة تزهيد الناس في جل علوم الدنيا، فتشكلت هالة اجتذبت بعض العلماء التطبيقيين إلى الحقول الدينية، وانتبار المنابر، ولي أعناق النصوص الدينية لموافقة النظريات، أو عسف النظريات للمفهومات الدينية حتى ظهرت مصنفات في الإعجاز العلمي والعددي وغيرها مما يفتقر إلى المنطقية والدقة.



نحن اليوم بحاجة ماسة إلى إنشاء هيئة أو مجلس للعلوم، ينال عضويته كبار العلماء في شتى المجالات العلمية، يكون العقل المدبر، أو القلب النابض الذي يتنفس مراكز بحثية جادة متخصصة في شتى العلوم، تستقطب كل نوابغ الوطن والأمة العربية والإسلامية، ويكون المصمم الحقيقي لبرامج جامعاتنا وكلياتها العلمية، والمذياع الصافي الذي يبث اللغة العلمية الحقيقية عبر أثير الثقافة والمجتمع.



هذه المرة الثانية التي أنادي فيها إلى تغيير مسمى (هيئة كبار العلماء) إلى هيئة كبار الفقهاء، وتخصيص المسمى القديم لهيئة كبار العلماء التطبيقيين، وضخ الأموال وتحفيز رجال الأعمال إلى الحقل العلمي في شتى فروعه، وإعلان الجوائز الكبرى لكل عالم أو مخترع يستطيع إحراز سبق علمي، بهذا سنصنع الأفق المرجو الذي ينقل اقتصاداتنا إلى آفاق لن يبلغها بالشعر والسياحة والمخيمات الدعوية، والملتقيات الثقافية، والحفلات الترفيهية.



لا تزال القناة العلمية لدينا بكرا، ولا يزال علماؤنا مغمورين لا نسمع إلا بمنجزاتهم في المهاجر أو وفاتهم، حتى صرخاتهم لا ينقلها الإعلام، فمتى نصحو من سباتنا؟ متى نستغل ثرواتنا الطبيعية المتآكلة في صناعة ثروة علمية تحرك اقتصاداتنا وصناعاتنا، وتبني قوتنا حين نتبوأ مكانة مرموقة في جغرافيا الفعل العالمي، فلا إجابة لسؤال النهضة الصاخب إلا بتحريك المنظومة العلمية تحريكا جادا منتجا، يأخذ في الاعتبار أن علاقاتنا الدولية لا يمكن الركون إليها في عالم موار، متقلب المزاج.



[email protected]