شاهر النهاري

تجارب نووية خفية

الثلاثاء - 02 مايو 2017

Tue - 02 May 2017

نشرت محطة (سي إن إن) الأمريكية في 16/3/2017، خبرا مفاده أن الولايات المتحدة الأمريكية قد رفعت الحظر عن معلومات سرية كانت قد أخفتها طويلا، فتم تسريب بعض المقاطع، التي تظهر 210 من التجارب النووية الجوية المريعة، والتي أجريت بين عامي 1945 و1962.



ويبدو أن قرار الرئيس الأمريكي (ترومان) بإيقاف الحرب العالمية الثانية، لم يكن إلا حافزا للعالم على تجديد وتطوير تلك الأسلحة الفتاكة المسببة للدمار الشامل.



ومجرد الإفصاح عن تلك المعلومات يعد كارثة بحد ذاته، وهو يؤكد على أن السرية العسكرية مستفحلة، وأن ما حصل بعد ذلك ومما سيتم الإفراج عنه مستقبلا، ربما يكون أفظع بكثير.



يقول الشاعر والناشط الياباني (توج سانكيشي) والذي نجا من انفجار هيروشيما:

مدينة من 300 ألف

هل يمكن أن ننسى هذا الصمت؟

في هذا السكون

النداء القوي

للعيون البيضاء

للزوجات والأطفال الذين لم يعودوا للمنزل

الذي مزق قلوبنا

هل يمكن نسيانه؟

وبالطبع فمهما أبدع الشعراء المعاصرون لتلك الكارثة الجهنمية، إلا أنهم لن يتمكنوا من نقل حذافير الصورة المرعبة، ولن نتمكن نحن مهما بلغ تخيلنا من تصور جهنمية ما حدث، فهذه المحرقة تعتبر الأعظم على مستوى البشرية، ولا يمكن حصر حدود تأثيراتها في من رحلوا من البشر، ولا من تبقى منهم، يحمل في خريطته الوراثية التشوهات، والأمراض السرطانية الفظيعة، ويورثها لأجيال من بعده، بالإضافة لما حدث للأرض، التي تم تخضيب ترابها ومائها ومخلوقاتها وجوها بالانشطارات النووية والإشعاعات، حتى تفتق الغلاف الجوي، وخرم الأوزون فوق القطبين.



وللأسف فإن تلك الضربة الموجعة، وشبيهتها في (نجازاكي)، لم توقف رغبة الإنسان المتجبر في اكتشاف سبل الشر وطغيانه، ما جعل الحكومة الأمريكية تقوم بمثل هذا العدد المهول من التجارب، والتي وإن كانت تبرر حدوثها بدواعي سباق علمي وسياسي وحربي، إلا أنها لم تكن منصفة، ولم تكن نعم الكبير المتزن للأرض.



أمريكا كانت الأولى، والأشرس في مثل هذه التصرفات، وكانت روسيا تفعل مثلها في الخفاء بخسة، ولم يكن أحد يمتلك أن يراقبهما، أو يردعهما.

ولكن الأمر اختلف مؤخرا، بعد أن كثر النوويون وتزايدت التجارب، والتي لا حيطة فيها، ولا حدود للمنطق والمعقول.



كوريا الشمالية ليست بدعا في جنونها، وإيران سوف تقوم بالمثل، دون توخ للعبرة من تجارب الشر القديمة، ودون حساب لتأثيرات ذلك على مكونات الكرة الأرضية.



كل جبار يسعى ليكون الساحق الماحق، ومجرد محاولة أمريكا منع تجارب أحد النوويين الجدد، يعتبر عبثا في منطق العقل، ففاعل الشيء بكل تهور، كيف ينهى عن خرق أتى مثله، مهما بلغت تجاربه من يقين!



الأمر الآن في يد شعوب العالم، التي لم تشارك في مثل هذه التجارب، والموقعة على معاهدة حظر تلك الأسلحة، وفي أيدي الناشطين، ممن يحق لهم التجمع حول هيئة الأمم، والضغط دبلوماسيا، على جميع من يمتلكون هذه الأسلحة الخبيثة، بداية بأمريكا وروسيا، ونهاية بمن يمتلك منها، ولو مفاعلا نوويا واحدا.



جميع المتزنين العقلاء يجب أن يطالبوا علانية بالحق، وأن يجبروا جميع النوويين على التخلص من أسلحتهم، ومعاقبة كل من يستمر في صنع الشر، وتجريبه، مهما تمثل ملاكا يبحث عن صالح الكون.



[email protected]