هبة قاضي

ع. م

دبس الرمان
دبس الرمان

الثلاثاء - 02 مايو 2017

Tue - 02 May 2017

دعوني أحكي لكم عن (ع). قابلتها للمرة الأولى في معرض الكتاب، حيث فوجئت بامرأة منقبة تقبل علي بحرارة وهي تعبر عن إعجابها بكتاباتي، وتطلب مني بصوت ملؤه الامتنان أن أستمر في الكتابة لأنني أعطي مثيلاتها (وأشارت للنقاب) الأمل في غد أفضل لأحلامهن وتطلعاتهن.



وأخبرتني قبل أن نفترق بأن أميزها في التواصل الاجتماعي باسم (ع). لاحقا وحين استضافتي في إحدى الأمسيات الثقافية أخذت إحداهن تسألني وتحاورني بحماس، وحين سألتها إن كنت أعرفها ابتسمت ابتسامة تشبه روحها المرحة قائلة (أنا ع).



أخذت (ع) تقص قصتها التي بدأتها بأنها كانت كاتبة في إحدى الصحف المعروفة، ولكن باسم مستعار وذلك مراعاة لعائلتها، ولكنها في النهاية توقفت عن الكتابة تماما بسبب رقابة أهلها المتعسفة لما تكتب. أما (م) فكانت تجلس في آخر المجلس ولكن تعليقاتها الذكية وصياغتها الجميلة للجمل والكلمات في تعليقاتها جعلتني أمازحها قائلة (لا بد أنك شاعرة) لترد بصوت ظاهره الهدوء وباطنه الأسى (فعلا أنا شاعرة ولكن عائلتي قامت بتمزيق أشعاري وحرمت علي كتابة الشعر ونشره لأن ذلك يعتبر عارا في عرف قبيلتنا).



نغرق أحيانا في أنماط حياتنا الخاصة، ودوائرنا الاجتماعية التي تشبهنا، وننشغل بمستجدات الأحداث والأعمال والتطورات، حتى لنكاد ننسى المختلف في المعتقدات، العالق في الماضي، والسائر إلى الخلف. ثم تتوالى عليك بعض الأخبار عن الفئات المجتمعية التي لا تتمتع بمثل ما تتمتع به من ظروف وانفتاحات، فتعود تعتقد أنها أقليات وأن الدنيا في تطورها وتغيرها وواقعية انفتاحها يصعب أن تترك مجالا للقديم من المعتقدات والعادات ليستمر في العيش والتواجد. لتعود فتصطدم بالواقع وأنت ترى هاشتاقات تويتر التي تتحدث عن إسقاط الولاية أو عدمه، وعن قيادة المرأة من عدمها، وأخيرا هاشتاق مثل (جامعة الفيصل تفرض التبرج) والذي قام فيه أحدهم بتسريب صور من حفل تخرج دفعة الخريجات لعام 2017، ثم انهال عليهن بالقذف والتجريح والشتم واللعن بحجة أنهن حاسرات الوجه ومتبرجات.



وليدخل بعضهم ليشذب والآخر ليدافع وآخر ليسخر، في مشهد تراجيدي من المسلسل الساخر في حلقته الحادية عشرة بعد المليون (كابوس امرأة). لندرك بأننا ما زلنا بعيدين، بعيدين جدا عن احتمالات مستقبل أكثر تنويرا وتطورا، وما زال بين ظهرانينا من يتعسف ويقمع ويتعدى على شخص آخر يمتلك كامل صفته الإنسانية، بدون قانون رادع.



عزيزتي (ع)، وغاليتي (م) وصديقاتي (ل) و(ب) وبقية حروف الهجاء، ارفعن رؤوسكن فأنتن بطلات. نعم أنتن أرواح قدت من كفاح، وعزائم نحتت من تصميم، وعقول تدرك أحقيتها في الحياة. لا تسمحن لأحد أن يجعلكن تصدقن أنكن محظوظات لمجرد التنفس. ولا تدعن أحدا يقنعكن بأن مصيركن متعلق بيد أحد سواكن. فقد تضيق الجدران، ولكن الأفكار لا سقف يحدها. وقد تكبلك القوانين، ولكن للإبداع سحر قد يجلب العالم تحت قدميك. فاستمري عزيزتي في الكتابة، في الرسم، في الإنتاج، في التواصل، في السعي، في العطاء، حتى يكتسح نور ما تعطينه للحياة ظلام سلالات وائدي البنات. وحتى تكتبي اسمك الذي سماك الله به بكل فخر واعتزاز.



[email protected]