نظام الخدمة المدنية ومخاطر تنفيذ رؤية السعودية 2030

الاثنين - 01 مايو 2017

Mon - 01 May 2017

خلال الأيام القليلة الماضية، أصدر الملك حفظه الله قرارا تاريخيا مهما بإعادة البدلات لموظفي الحكومة والذي أثلج صدور جميع المواطنين بدون استثناء بمن فيهم الموظفون في القطاع الخاص لعلمهم بأثر ذلك على الاقتصاد ومستقبلهم الوظيفي، في نفس الوقت، تم إعفاء وزير الخدمة المدنية وإحالته للتحقيق في سابقة تعتبر مؤشرا مهما على جدية قادتنا حفظهم الله على مصلحة المواطنين وفي سبيل تطبيق الخطط الوطنية بنجاح.

فكرة إلغاء البدلات أساسا تعتبر جزءا من إعادة تصميم نظام الحوافز للموظف الحكومي، ولكن تم تطبيقها بطريقة خاطئة تسببت في خلق عقبات عدة، منها على سبيل المثال خلق انطباع لدى الأطراف ذوي العلاقة بأن السياسة المالية أصبحت تقشفية، وأثرت بشكل سلبي لاحقا على نمو الاقتصاد اتضح خلال السنة الحالية عندما أصبح معدل التضخم الشهري سلبيا Deflation خلال الربع الأول. المهم الآن هو فهم العواقب المحتملة عندما يتم تطبيق بقية خطط العمل المتعلقة بإعادة تصميم نظام الحوافز الحكومي، خاصة المتعلق بطريقة تقييم أداء الموظف الجديدة وهو ما يسمى بمنحنى الجرس Bell Curve لتقييم الأداء.

أعتقد أن عواقب تطبيق نظام تقييم الأداء الجديد لا تقل أهمية عن العواقب السلبية لإلغاء البدلات والتي من المرجح أن تزيد من مخاطر تنفيذ رؤية السعودية 2030، خاصة أنه سيطبق على نطاق واسع جدا في البلد على أغلب المؤسسات الحكومية. نظام منحنى الجرس يمكنه أن يكون فعالا ويعطي الموظف البارع الأفضلية على غيره من أصحاب الإنتاج العادي، ولكنه غالبا ما يعبث بثقافة المنظمة ويجعلها «تنافسية» رغما عن أي رغبات أخرى للقادة بأن يكون الموظفون متعاونين ويقلص من حجم ثقافة المنظمة التعاوني.

عايشت هذه النتائج في منظمة حكومية سابقا وكانت تطبق منحنى الجرس في تقييم الأداء، حيث كانت تتميز بيئتها التنظيمية بالتنافسية، مما جعل موظفيها غير متحمسين على تبادل المعلومات، وكان يلاحظ عليها ارتفاع معدل الدوران الوظيفي وكثرة خروج الكفاءات منها لإحساسهم بعدم وجود عدالة في التقييم، مما أثر لاحقا على جودة أداء المنظمة بشكل عام.

والأجدر بالإشارة أن مؤسسات عالمية أدركت خطورة هذا النظام على الإنتاجية والتعاون داخل المنظمة فتخلصت منه، مثل شركتي مايكروسوفت وأدوبي Microsoft, Adobe من المفضل أن يعمل القائمون على نظام الحوافز على إعادة وضع خطة عمل أكثر شمولية لنظام الحوافز، فتقييم الموظف ليس الأمر الوحيد الذي يحتاج للمعالجة، فهناك أمر أكثر أهمية وهو القدرات المؤسسية Institutional Capacities للمنظمات الحكومية الحالية، فهي غير متوافقة مع متطلبات رؤية السعودية 2030 وبشكل أهم المتطلبات المتعلقة بمبادرات برنامج التحول الوطني وغيره من البرامج الأخرى الاستراتيجية.

المؤسسات الحكومية اليوم تحتاج إلى تطوير قدراتها المؤسسية لكي تستطيع تنفيذ المبادرات الوطنية، ونظام مثل منحنى الجرس لتقييم الأداء من الممكن أن يزيد من مخاطر التنفيذ بكل سهولة. أعتقد أن وزارة الخدمة المدنية تحتاج إلى إعادة خطط عملها الخاصة بنظام الحوافز الوظيفي للتعامل مع الموظفين الحكوميين كأصل Asset وليس كمصروف Expense فالموظفون الحكوميون طوال الفترات الماضية يعملون بما تمليه عليهم توجهات مؤسساتهم الحكومية وطبيعة ثقافة منظماتهم التي يمكن تصنيفها في الغالب بثقافة الإطار السياسي Political Frame أو ما يعرف بثقافة التحزبات للمنظمة.

@Mo_Alsuwayed

خبير مالي ومتخصص في استراتيجيات الشركات