محمد أحمد بابا

التفجيرات بين ثوابت الدين والمتغيرات

الاحد - 30 أبريل 2017

Sun - 30 Apr 2017

الثابت بأن الله تعالى رب السلام والمحبة والوئام، وهو خالق النفس والآمر بالمحافظة عليها حتى من نفسها، وقال (ولا تقتلوا أنفسكم) وقال (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، والثابت بأنه حرم دم الإنسان من حيث كان، وحرم دم المسلم تحريم القطع والبيان والشدة، كما الثابت بأن الله حرم الفساد في الأرض وحرم الإفساد فيها وذم المفسدين، والثابت القطعي أن الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر وهو بذلك لا يرضى لهم الفتنة، والفتنة أعظم، والقتل جريمة نكراء مخزية موغلة في الإفساد مخرجة النفوس من كينونة الأرواح العارفة بالإنسانية.



والثابت بأن الخالق لم يأمر في أي من نصوص القرآن آحاد الناس بقتال ولا اعتداء ولا جهاد، بل الأمر لكيان قابض على نسق الوفاق المجتمعي وهو ولي الأمر في شورى وتصريف دولة، والثابت أنه تعالى لم يأمر مسلما ولا مجموعة مسلمين باتخاذ قرار حرب على آخرين في همجية مزاحمة زاعمة الإسلام، والثابت أن الله ما شرع للناس تكفير الناس، ولا شرع للناس تصنيف الناس، ولا شرع للناس زهق أرواح الناس، والثابت بأن الدين كله مبناه على أن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله جامعة للمحبة والسلام حتى ولو لم تحدث من آخرين اعترافا، فالله قال (لكم دينكم ولي دين) وقال (لا إكراه في الدين).



والثابت بأن الأصل حق كل امرئ في الحياة، ولا يعتدي على هذا الحق إلا ظالم ولو قتل نفسه ليقتل آخرين، والثابت بأن الشهيد الذي عناه ربي في القرآن ليس من يقتل نفسه ليقتل آخرين ولو كانوا كفارا أو معتدين، فما بالك بمن يقتل أهل الملة وهم في صلاتهم يسجدون ويركعون لرب العالمين، أو يقتل أهل ذمة أو معاهدين، أو أهل بلد لهم حق في الحياة والعيش ولو خالفونا في الدين.



وقد ثبت في غالب ظن أنه ما أيقن الموت عبر تاريخ الجهاد الإسلامي صحابي ولا تابعي ولا ذو سيرة حسنة، بل كلهم ذاهبون لجهاد حق ربما ماتوا وربما انتصروا، وخالد بن الوليد رضي الله عنه أكبر مثال.



والثابت بأن هؤلاء الذين يذهبون بأنفسهم لموت محقق لا نزاع فيه واهمو خير وهم في ضلال مبين، وفوق ذلك لطخوا صحائفهم بقتل مسلمين دون جريرة ولا ذنب، وقتل خلق الله ما لنا عليهم من جريرة ولا قصاص، فما ثبت في دين الله أعظم من أن هذا - ورب الكعبة - ظلم عظيم وفساد كبير وجرم لا يمحوه التاريخ.

والمتغير ما أبداه تاريخ طويل من صراع فكري بين فئة وأخرى في تحقيق الدين لله تعالى، حتى إذا بدا نفق الظلام تاه الناس حيارى، من يتبعون ومن يصدقون؟



والذي أعتقده وفق زمن نحن فيه وقد بانت فيه من مصادر العلوم أشياء وأشياء ربما لم تكن متوفرة فيما سبق واتضحت فيه من حقائق التاريخ مفزعات ومفرحات وأصبح العقل البشري متغيرا في فهم معضلات ربما لم تكن مفهومة من قبل بنفس الاتجاه واتجه العالم المتحضر للسلام، حيث يبني هذه الدنيا بمقاصد الأديان لا بفحوى آراء أهلها بأن التغير والتغيير - وفق ظني - واجب الاتباع نحو الحق الذي هو أحق أن يتبع.



فالتفجيرات وقتل المسلمين وغيرهم من أعظم الجرائم في الأرض، فأمة الإسلام واحدة حيث شهدت شهادة الحق، والتحريض على الكراهية وتكفير المسلمين سواء بالأعيان أو بالمجموع قتل بالنتيجة، فويل لهم من رب العالمين.



وحين يوجد من الفريقين من حرض على قتل مسلم أو مسلمة، أو آمنين أبرياء في أوطانهم، أو عمد لتسويق فلسفة التكفير التي هي من خصوصيات عمل رب العالمين وحده وهو الذي يسم الأعيان والأعمال بالكفر فذلك هو أساس ضياع جهد جماعة في سلام وسلام في جماعة وأمة في اتحاد.



وليس في كتاب ربي ما يستطيع مجرم أن يجعله دليل إجرامه ولو زعم، والدين اليوم مسؤولية الجميع متغير التطبيق في ثابت أصول، وحق على المسلمين أن يلتفتوا لتحقيق مقاصده لا أن يزين لهم الشيطان إضاعة الوقت في تعاريج فروع ما يملكون عليها من أدلة القطع شيئا.



[email protected]