صامدون رغم الألم

السبت - 29 أبريل 2017

Sat - 29 Apr 2017

الأب هو أول حب للفتاة، أول قدوة، المثل الأعلى، من يفعل المستحيل لأجلها، وكما قالوا قديما فكل فتاة بأبيها معجبة.

لم أكن أعلم في طفولتي أنني ابنة لرجل عظيم، لم أدرك ذلك إلا عندما دخلت عش الزوجية وأصبحت أما، عرفت فضل والداي، أبي بدأ مشوار حياته من الصفر، لقد كان فقيرا، يتيما، يرعى الغنم في القرية، ثم سافر إلى المدينة بثيابه البالية وكومة من الأماني يحملها معه لمستقبل مجهول، ومن هناك بدأ كفاحه في الحياة حتى وصل لأعلى المناصب الإدارية في شركة أرامكو السعودية.

أبي ما أروعك عندما تحكي لنا عن تفاصيل أيامك الجميلة، لم أكن أعلم بروعتك يا والدي إلا عندما أوشكت على فقدانك، لقد كانت صدمة، وتمنيت لو أني كنت أحلم عندما أخبرتني والدتي بإصابتك بورم سرطاني، تمنيت لو أني كنت أحلم وأن ما سمعته لم يكن صحيحا، لقد سكتت برهة وبدأت تجول في ذاكرتي أيام طفولتي الجميلة، أعلم بأنها لن تتكرر، وستبقى في ذاكرتي فقط، لقد أصبحت أخاف الحياة بدونك يا أماني، وبدأ صراعه مع المرض.

مرت الأيام وفي كل مرة أذهب فيها لزيارته أجده صابرا مؤمنا بقضاء الله وقدره، وفي عينيه شيء يبوح لي أنه يعاني الكثير «يا لها من ذكريات تداعب فؤادي، وتعود بي لأيام جميلة وتفاصيل فقدنا أكثر من شاركنا إياها»، هذا ما قاله والدي وهو يحكي لي عن أيامه الجميلة، وبالرغم من إنهاك المرض، كانت ترتسم في محياه تلك الابتسامة الجميلة التي تخفي في ثناياها الكثير؛ لقد أخطؤوا حين قالوا «فاقد الشيء لا يعطيه»، بل فاقد الشيء يعطي بكل حنان؛ فوالدي أعطانا كل ما يملك.. الأمان.. والحنان.. والمأوى.. وخبرات السنين.. وأسس التربية الصحيحة؛ لقد كنت يا والدي أعظم مدرسة لي.

أرجوك يا إلهي أن تعجل لي بشفائه، وأن تحفظه لي، ولا تريني فيه مكروها.. يا أرحم الراحمين.