أحمد الهلالي

نورت الطائف يا ساهر!

السبت - 29 أبريل 2017

Sat - 29 Apr 2017

أهلا بساهر في الطائف، وقد طال انتظارنا لهذا الضابط النافع (المنبوذ)، الذي لا يزال الكثيرون يضيقون به ذرعا إلى درجة رجمه بكل التهم، واتهامه بأنه مؤرق من مؤرقات الحياة، وكيلا يدعو عليّ المتألمون، فلا تظنوا أني سليم من فلاشاته (الجميلة).



أكثر من خمسة عشر عاما وأنا أسلك طريق الطائف الحوية صباح مساء، لم أشعر يوما براحة القيادة فيه كما أشعر بها هذين الأسبوعين، والسيارات تسير في انتظام ورتم مريح، أصل عملي في طمأنينة، لا يعكر صفو مشواري إلا سائقون عذبوا أنفسهم وانشغلوا بمراقبة ساهر، وكأنهم يقتصون من رقابته على سرعاتهم، فيأتي السائق من خلفك وكأنه سيزيحك عن مسارك عنوة، يقترب جدا، يستخدم الأضواء والأصوات كلها، ثم ينطلق من جوارك كالسهم، فيفاجئك بالتهدئة المبالغ فيها، ثم لا ينسى فتوى الشيخ الشنقيطي بأن التنبيه عن وجود ساهر تعاون على البر والتقوى، فيشعل أضواء التنبيه، وإذا تجاوز الكاميرا انطلق فرحا، في تكرار للسيناريو لا ينقطع.



متفائل بأن تقل حوادث الطرقات السريعة في مدينة الورد، فجل الحوادث قبل تركيب النظام كانت مرعبة لأن السرعات عالية، وغالبا لا تجد حادثا بين سيارتين، بل مجموعة من السيارات تزيد عن الخمس ولا تقل عن الثلاث، بعضها قاتلة ترى الجثث مغطاة بالقصدير على جانب الطريق فيتملكك الرعب، ليلهج لسانك بالدعاء للموتى وشفاء المصابين والهداية للمجانين.



الجميع يدرك أن ساهر نظام هدفه حمايتنا من أنفسنا، والبعض يدعو إلى تعيين مواقعه وإشهاره، ويتهم النظام حين تتغير مواقع الكاميرات أو تتخفى أن الهدف الجباية، وهذا كله بهتان عظيم، فما دام الطريق مغطى باللوحات المعروفة، ولوحات تحديد السرعات فهذا يغني عن رؤية الكاميرا، ولا حاجة أن نراها، ولا يطالب بذلك إلا المنشغلون بمراقبة ساهر، مربكو الطرقات بالسرعة والتهدئة المبالغ فيها، ثم إذا انتقلت الكاميرا واصطادت أحدهم صاح متألما من خيبة تذاكيه، واتهم بالجور ساهر!



لا يجب أن نضيق ذرعا بالنظام، ونحن في مجالسنا لا نكف عن المقارنة بيننا وبين الشعوب المتحضرة الملتزمة بالأنظمة، فالنظام فيه الراحة والحماية، فلا ألم يعدل أخبار الحوادث، وأسر كاملة تروح ضحية متهور طائش، لا يعرف عن السيارة والطريق إلا أنها أدوات للمغامرات واللهو، فأهلك نفسه والآمنين، والله خير حافظ.