عبدالغني القش

القرارات الملكية رسائل تاريخية.. وثمة بقية!

الجمعة - 28 أبريل 2017

Fri - 28 Apr 2017

عاش السعوديون أجواء من الفرح العارم، ولم تسعفهم جميع قواميس اللغة للتعبير عن مشاعرهم تجاه قائدهم وملكهم، تجاه القرارات الصادرة، فقد كانت كفيلة بإدخال السرور على كل أسرة، سواء فيما يتعلق بعودة البدلات إلى ما كانت عليه أو تقديم الاختبارات وغيرها من تعيينات أو إعفاءات، كانت جميعها محل التقدير تجاه الوالد الحاني سلمان الحزم ومليك العزم.



والمتأمل في تلك القرارات يجدها تحمل في طياتها رسائل تاريخية للعالم أجمع، وبخاصة ذلك الذي أخذ يشرق ويغرب، ويتحدث ويتشدق عن الاقتصاد السعودي ومتانته والتهوين من قوته والنيل من مكانته، وكأنها كانت لجاما لتلك الأبواق الناعقة، وقد خالفت ما يمكن أن يطلق عليهم اقتصاديون (وبعضهم لا يمتون لهذا العلم بصلة) من حيث التوقعات المخيفة وغيرها ممن ذهب خيالهم بعيدا، وكأنها تقول لهم موتوا بغيظكم.



أما التعيينات فالمتأمل يجدها تسير في اتجاه ضخ الدماء الشابة في معظم إمارات المناطق من خلال مجموعة من نواب أمراء المناطق بحيث تصبح الإمارة خلية من العمل الدؤوب والأفكار المتقدة؛ فمن المعلوم أن مقام الإمارة هو أعلى سلطة إدارية في المنطقة، وهذا يوجب الدعم والتزويد بالدماء التي يجزم الجميع أنها ستصب في جعلها منطلقا للعمل المنظم ومنبعا للفكر المتقد بحيث تكون في مقام القائد لجميع الإدارات.



وحوت الأوامر رسالة تاريخية جد هامة وهي إعفاء وزير وإحالته للتحقيق، مما يؤكد أن العدالة ستأخذ مجراها، وسيتم تطبيقها على الجميع، وكانت هذه الرسالة محل التقدير والإعجاب ليس من المجتمع السعودي فحسب بل ومن العالم أجمع؛ فهي المرة الأولى التي يحال فيها وزير سعودي للتحقيق بسبب تجاوزاته، وفي طياتها رسائل تاريخية لكل من ينتمي لهذه البلاد مهما علت منزلته أن العدالة هي الأساس، وحينما يوليك ولي الأمر مكانة معينة فهذا لا يعني مطلقا أنك فوق المحاسبة ولا يمكن ملاحقتك والتحقيق معك، وكأني أرى العالم يتلقاها أيضا بالترحيب؛ لأن البعض لا يعرف معنى الحصانة والوزير في نهاية الأمر هو مواطن تم اختياره ليتولى مهاما معينة.



وهنا أود الاستطراد بالحديث عن دور الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهيئة الرقابة والتحقيق واللتين ورد ذكرهما في القرار الملكي، بحيث تكون هذه الحادثة انطلاقة للمزيد من اكتشاف ضروب الفساد والتجاوزات، وأجزم أنها كثيرة ومتعددة، بدليل أنه بمجرد صدور هذا القرار تداعى البعض للمناشدة للتدخل بإظهار بعض صور القرارات لأقارب بعض المسؤولين.



وللحق فإن المسؤول هو في نهاية الأمر بشر وتأتيه بعض الضغوطات، ولذا فإن تعيينه لقريب أو أحد معارفه إذا كان مستحقا فلا يعني هذه التقليل من شأنه واتهامه، لكن المأساة إذا كان هناك جور في التعيين بلا استحقاق أو تضييع لحقوق الآخرين على حساب ذلك الشخص المقرب.



وتوجت تلك القرارات براتبين لجنودنا المرابطين على الحدود، وهو ما يعني أنهم في قلب القائد العام لكافة القطاعات العسكرية؛ وإن التفت للشأن الداخلي فعين وأعفى، لكن ذلك لا يعني مطلقا تناسي أو تجاهل تلك التضحيات المبذولة والملاحم المذكورة لهؤلاء الأبطال الأفذاذ، فتم منحهم راتبي شهرين.



[email protected]